الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من التقط لقطة فأعطاها لغيره ليعرفها ولم يأت صاحبها

السؤال

أنا إمام مسجد, وقد جاءني أحد المصلين بعد إحدى الصلوات وأعطاني ساعة, وقال: إنه وجدها في مكان الوضوء فسألت عن صاحبها حينها, لعله أحد المصلين فلم يأتني أحد إلى يومي هذا, وقد مضى أكثر من شهر تقريبًا, فماذا أصنع بها؟ هل يجوز لي بيعها وجعل ثمنها صدقة عن صاحبها في أموال المسجد؟ وهل يجوز لي لبسها والاستفادة منها إلى أن أجد صاحبها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يكن ينبغي لك أن تعرف هذه اللقطة في المسجد، وانظر الفتوى رقم: 48418، والواجب هو أن يقوم من التقط هذه الساعة بتعريفها, والسؤال عنها سنة هجرية كاملة, وذلك في الأسواق, وعلى أبواب المساجد, وفي مجامع الناس، وانظر الفتوى رقم: 158563 فإن وجد صاحبها دفعها إليه, وإلا دخلت في ملكه بعد أن يحول الحول، ولا يجوز التصرف فيها قبل تعريفها وحولان الحول لا ببيع, ولا صدقة, ولا غير ذلك, ولا يجوز الانتفاع بها؛ لأنها في حكم الوديعة، وانظر الفتوى رقم: 24546, ورقم: 56279.

وإذا دفعها الملتقط إلى أمين يعرفها برئت ذمته بذلك, ولم يكن ضامنًا، قال في بلغة السالك: (والتعريف يكون بمظان طلبها, وَبِبَابِ الْمَسْجِدِ) لَا دَاخِلِهِ (فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) مَرَّةً (بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) لِأَمَانَتِهِ, وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ دَفَعَهَا لِأَمِينٍ يُعَرِّفُهَا. انتهى.

وعليه: فالواجب عليك أن تعرف هذه الساعة سنة ما دام ملتقطها قد دفعها إليك، ولا يجوز لك أن تنتفع بها, ولا أن تبيعها وتتصدق بثمنها على ما مر، فإذا انقضى الحول الهجري ولم يوجد صاحبها فإن كان ملتقطها قد دفعها إليك رغبة عنها فهي ملك لك تفعل بها ما تشاء, وإن كان قد دفعها إليك لتعرفها نيابة عنه فهي ملك له, فيجب عليك أن تردها إليه، قال في كشاف القناع فيما إذا ضاعت اللقطة من الملتقط الأول فالتقطها شخص ثان: (وإن علم الثاني بالأول فردها إليه فأبى) الأول ( أخذها وقال) للثاني (عرفها أنت فعرفها) الثاني حولًا (ملكها أيضا) لأن الأول ترك حقه فسقط (وإن قال) الأول للثاني (عرفها وتكون ملكًا لي ففعل) الثاني (فهو نائبه في التعريف, ويملكها الأول) لأنه وكله في التعريف فصح. انتهى .

فإن ملكتها أنت فكل ما ذكرت في سؤالك يجوز لك، كما يجوز لك أن تبيعها وتنتفع بثمنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني