الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة إذا أخطأ الإمام في غير الفاتحة

السؤال

في صلاة الفجر صلى بنا الإمام, وأخطأ في آية بسورة الواقعة وهي: "وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ" فبدلًا من كلمة تكذبون قال: تصدقون، ولم يفتح عليه أحد، وبعد الانتهاء من الصلاة قام الإمام بالنظر في المصحف, وقام ليعيد الصلاة مرة أخرى بحجة أنه أخطأ خطأً أحال معنى الآية، فما قولكم؟
أفتونا أثابكم الله وأحسن الله إليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الخطأ في القراءة من غير تعمد إن كان في غير الفاتحة لا يبطل الصلاة، ولا تلزم به إعادتها, ولا إعادة من صلى خلف فاعله, وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء، فقد جاء في كتاب مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه لإسحاق بن منصور الكوسج ما نصه:
قلت- أي إسحاق بن منصور-: إذا لحن الإمام أو قرأ حرفًا ليس من القرآن يعيد من خلفه الصلاة؟ قال - أي الإمام أحمد -: إذا لم يحسن أن يقرأ الرجل أليس تجزئه صلاته؟ فلم ير أن يعيد من خلفه إذا لحن الإمام.

قال إسحاق كما قال - أي: قال إسحاق بن راهويه كما قال الإمام أحمد -، والإمام أيضًا والمصلى وحده, قال إسحاق - أي: ابن منصور-: وأما القارئ آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب آية رحمة أيعيد من خلفه الصلاة؟ قال - أي الإمام أحمد -: إنه لا تلزم الإعادة على أحد إمامًا كان، أو مأمومًا، أو مصليًا وحده. انتهى.

وذهب الحنفية إلى وجوب الإعادة, فقد جاء في رد المحتار من كتب الحنفية: وَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ مَا غَيَّرَ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا يَكُونُ اعْتِقَادُهُ كُفْرًا يُفْسِدُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ لَا, إلَّا مَا كَانَ مِنْ تَبْدِيلِ الْجُمَلِ مَفْصُولًا بِوَقْفٍ تَامٍّ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّغْيِيرُ كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْمَعْنَى بَعِيدٌ مُتَغَيِّرٌ تَغَيُّرًا فَاحِشًا يُفْسِدُ أَيْضًا كَهَذَا الْغُبَارِ مَكَانَ هَذَا الْغُرَابِ, وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا مَعْنَى لَهُ كَالسَّرَائِلِ بِاللَّامِ مَكَانَ السَّرَائِرِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْمَعْنَى بَعِيدٌ وَلَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرًا فَاحِشًا تَفْسُدُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ, وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا تَفْسُدُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. انتهى.

فإذا أعاد الإمام متبعًا في ذلك مذهب الحنفية, ومن قال بالإعادة من الفقهاء فلا حرج عليه, ولا على الذين أعادوا الصلاة خلفه، وإن كان الراجح أنه لا إعادة عليهم, ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى التالية: 140830.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني