الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف من ثبت في محنة خلق القرآن ليس من قبيل الإجماع

السؤال

أحد الإخوة الأفاضل - نحسبه كذلك - ذكر في نقاش اتفاق العلماء بالإجماع في عصر الإمام أحمد على اتقاء شر الخليفة رغم دعوته الناس للكفر, ثم قال: فهل كانوا على الحق أم سجل التاريخ ثبات الإمام أحمد رغم شذوذه عن الإجماع؟ ثم ذكر أن الإجماع ينعقد عند بعضهم رغم مخالفة الواحد, بل والاثنين أحيانًا, ثم رد عليه أحد الإخوة بالأسئلة التالية: فهل تذكر لي من نقل هذا الإجماع من أهل العلم؟ ثم كيف يكون إجماعًا, وقد شذَّ عنه غير واحد - كنعيم بن حماد, وعفان بن مسلم, وأحمد بن نصر الخزاعي-؟ وعلى اعتبار وجوده فهل تجتمع الأمة على ضلالة؟ فإذا كانوا لا يجتمعون إلا على حق فكيف يستقيم قولك؟ فهل كانوا على الحق أم سجل التاريخ ثبات الإمام أحمد؟ ومعلوم أنك تقصد أن من كان على الحق هو الإمام, إذن فهل أجمعوا على ضلال؟ ولم يجب الأخ الفاضل حتى الآن, فهل توضحوا لي المصيب من المخطئ, وتجيبوا عن هذه الأسئلة؟ وهل من ذكرهم الأخ - نعيم بن حماد وعفان وأحمد بن نصر - بلغوا منزلة الاجتهاد, وكانوا معاصرين للإمام أحمد؟ فأنا أعلم أن الإجماع يكون باتفاق مجتهدي الأمة في عصر من العصور, فهل هؤلاء بلغوا تلك المنزلة؟ وكيف لنا معرفة من بلغها ممن لم يبلغها في أي عصر؟
معذرة للإطالة - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنعتذر عن الخوض في تفاصيل هذه الجزئيات وتتبعها، ونلخص القول في جواب ما سألت عنه فيما يلي: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، والقول بخلق القرآن طامة ابتدعها الجهمية, واشتد نكير العلماء عليهم، وهذه مسألة طال فيها البحث حتى لم يبق فيها مقال لقائل، وقد كفانا الأئمة عناءها، ومن أراد البسط في ذلك فليرجع إلى كلام ابن القيم في الصواعق المرسلة.

أما موقف الإمام أحمد بن حنبل وثباته على ما هو عليه رغم شديد النكال والإيذاء في ذات الله عز وجل، وكذلك كل من وقف مثل موقفه ممن ذكرت ومن غيرهم، فليس من باب الإجماع ومخالفته، بل بابه أن من أكره على النطق بكلمة الكفر فهو بالخيار بين أحد شيئين: إما الأخذ بالرخصة، وإما الصبر على العزيمة، فأما الإمام أحمد ومن معه فقد أخذوا بالعزيمة, وتحملوا في ذلك ما تحملوا, وموقفهم - لا شك - أفضل, وأجرهم ثابت على الله - إن شاء الله - وأما من أخذ بالرخصة ممن ابتلي في تلك المحنة، فله في فعله مستند ولا حرج.

قال السرخسي في المبسوط: والرخصة في إجراء كلمة الشرك ثابتة في حق الملجأ, بشرط طمأنينة القلب بالإيمان, إلا أن هنا إن امتنع كان مثابًا على ذلك؛ لأن الحرمة باقية، فهو في الامتناع متمسك بالعزيمة، والمتمسك بالعزيمة أفضل من المترخص بالرخصة.

وراجع الفتوى رقم: : 195055 وهي في الإكراه على كلمة الكفر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني