الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز الاقتراض الربوي لغير ضرورة

السؤال

شيخي الفاضل: أضطر في معاملاتي ذات الحجم الكبير إلى دفع شيكات كضمان لا أملك رصيدها في البنك، أتفق والمورد على عدم تقديمها للبنك إلا في حالة عدم تسديد ما له علي، إلا أنه شيخي الكريم قد يستغل هذا المورد فراغ خزينتي بتقديم الشيك للبنك لحصوله على وثيقة عدم كفاية الرصيد، والتي يحتفظ بها للضغط (بحجة أنه قدم للمحاسب الشيك عن طريق الخطأ في حين يحتفظ بنسخة ثانية للوثيقة)
فهل يجوز لي الاتفاق مع البنك لتغطية هذه الحالات فقط لتفادي استخراج هذه الوثيقة ضدي من باب الاحتياط بفائدة ربوية، مع العلم أن هذا السلوك (وثيقة الضغط) أصبح شائعا وسط المتعاملين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، أن الاقتراض بالربا حرام باتفاق العلماء، وقد دل على حرمته قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278-279}. وما رواه مسلم عن جَابِرٍ قال: لَعَنَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. وقال صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون حوبا، أو قال: سبعون بابا أيسرها أن ينكح الرجل أمه. رواه ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه.
فلا يجوز الإقدام عليه ما لم تلجئ إليه ضرورة؛ قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}. وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة:173}.

وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أوأن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة ـ في حال ثبوتها ـ تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة أو وجد ما يقوم مقامها فلا يجوز التعامل بالربا، ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع . ولا نرى فيما ذكرته ضرورة، وما يفعله صاحبك من تقديم الشيكات قبل موعد استحقاقها، لا يجوز، وينبغي الاحتياط في معاملته ونحوه بعدم دفع الشيكات إليهم وتقديم كفيل مثلا أو رهن ونحو ذلك مما تندفع به الحاجة، ويتحقق به الغرض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني