الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين بيع السَّلم وبيع ما لا يملك

السؤال

أنا تاجرة، أعرض بضاعة على الناس ‏عن طريق الإنترنت قبل أن أمتلكها، ‏وأجمع طلبات عليها، ثم أشتريها، وأعرض صورة السلعة، وسعرها، وإذا ‏طلبها أحد مني، أسأل التاجرة التي ‏أشتري منها: هل السلعة متوفرة ‏عندها؟ فإذا قالت: نعم، أخبر ‏الزبونة بمقدرتي على توفيرها، ‏وإرسالها لها، ثم أطلب منها تحويل ‏المبلغ لي، والزبونة قد تكون من ‏الأهل، وقد تكون غريبة عني، أو من ‏مناطق مختلفة من المملكة، وعلمت أن استلام مبلغ السلعة قبل ‏تملكها غير جائز، فهل عدم الجواز لعدم اتباع السنة فقط‏؟ وإذا أخذت المبلغ مقدمًا قبل تملك ‏السلعة، فهل يكون المال حرامًا، وآثم‏؟ ‏‏وإذا أردت شراء سلعة من ‏تاجرة لا تملك البضاعة، بل تأخذ ‏المبلغ مني أولًا، ثم تشتريها لي، فإذا أعطيتها المبلغ، فهل يكون ذلك جائزًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فطريقة التعاقد هذه شائعة، ومطردة بين الناس، وأساليب السائلين عنها مختلفة، ولعل خللًا في التعبير قد يحصل من البعض، فلا يكون السؤال منطبقًا على حقيقة ما يجري.

ونحن نقول: لهذا العقد وجهان: وجه به يوافق الشرع، ووجه به يخالفه، وهذا بيان ذلك:

أما وجه الموافقة، فهو: أن تتفقي مع الزبائن على سلعة موصوفة في الذمة، غير معينة، مقدور على تسليمها، مؤجلة بأجل معلوم، مسلّم ثمنها في مجلس العقد، فإذا حان الأجل، سلمتها، ولا مانع من أن تشتريها بما دفع لك الزبون، وهذا العقد من بيع السلم، وهو جائز، لا حرج فيه.

وأما وجه المخالفة، فهو: أن يتم العقد على بضاعة معينة، غير مملوكة للتاجر عند العقد، وإنما يشتريها بعدما عقد البيع، إذا استلم ثمنها، فهذا محرم؛ لأنه من بيع ما لا يملك، وقد روى أصحاب السنن، وصححه الألباني عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق، ثم أبيعه، قال: "لا تبع ما ليس عندك".

قال في الفقه الإسلامي: وعلى أي حال، فقد اتفقت المذاهب الثمانية، وجميع الفقهاء، ومنهم: ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم، على أن بيع الإنسان ما لا يملك، لا يجوز؛ إما لأنه معدوم أثناء العقد، عند الأغلبية الساحقة، وإما لأنه غرر، عند الحنابلة.

أما قولك: هل عدم الجواز لعدم اتباع السنة فقط؟

إن كنت تقصدين بالسنة ما يقابل الواجب، بحيث لا تأثمين بهذه المعاملة، فليس الأمر كذلك، بل بيع ما لا يملك، حرام، ويأثم فاعله.

وأما ما سألت عنه من عكس الصورة: فكما لا يجوز لك أن تبيعي ما ليس عندك، لا يجوز لك أن تشتري من بائع يبيع ما ليس عنده، إلا إذا كان على وجه السلم، كما سبق. وراجعي الفتوى رقم: 128539.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني