الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وكيفية التخلص من الأوراق المشتملة على ذكر الله

السؤال

نحن عائلة نسكن في بيت واحد مع ثلاثة من إخوتي, وكل واحد له شقة خاصة به, وسطح للبيت ملك للجميع, وفي فترة سابقة صعدت إلى السطح فوجدت بعض زوجات إخوتي قد خزن الكتب الدراسية القديمة فوق السطح في كراتين متهالكة؛ مما أدى إلى وقوف الطيور اللاتي يربينها فوق السطح على بعض تلك الكتب, مع العلم أن هذه الكتب قد تحتوي على أسماء الله – سبحانه - وقد يكون بينها كتب دينية مدرسية, فتكلفت في تلك الفترة أن أقوم بتنظيف وإحراق هذه الكتب, وأخذت مني وقتًا كبيرًا وتعبًا؛ لأني موسوس في هذا الموضوع, وأعتني بالورق جدًّا, فأنظف ما عليها من الوسخ, ثم أحرقها, وقد حذرتهم ونبهتهم إلى حرمة ذلك, وأنه يجب عليهم أن يحتفظوا بالكتب, أو يحرقوها, ولا يتركوها في سطح المنزل, فينالها من فضلات الطيور, وحذرتهم كثيرًا ووعيتهم, وقد رأوا مدى جهدي وتعبي في التخلص منها, ولكني مؤخرًا سمعت - مجرد سماع - أنهم وضعوا كتبًا أخرى فوق السطح, فهل أنا ملزم مرة أخرى – وفي كل مرة - إذا وضعوا كتبًا فوق السطح أن أتكلف تنظيفها وحرقها, أم أني أديت ما عليّ من إنذارهم وتوعيتهم مسبقًا؟ وهل يكفيني أن أنبههم أيضًا الآن وهم المسؤولون عنها؟ مع العلم أني لم أشارك في تخزين أي كتب, وليس لي شيء في الطيور التي فوق السطح.
أجيبوني - بارك الله فيكم - لأن هذا الأمر يغمني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز وضع شيء مكتوب فيه ما يجب تعظيمه - كأسماء الله تعالى, ونحو ذلك - في مكان يمتهن فيه.

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: ولا يجوز لمن يتسلم البطاقة التي فيها ذكر الله, أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل, أو القمامات, أو يجعلها في محل يرغب عنه, وهكذا الجرائد وأشباهها. انتهى.

وعليه, فإنه يجب عليك صيانة ما يقع تحت يدك من هذه الكتب التي فيها ذكر الله تعالى.

وما يقع من أقاربك من تقصير في ذلك فإثمه عليهم، لكن إن رأيت شيئًا من هذه الكتب والأوراق ممتهنًا وأمكنك التخلص منه من غير مشقة فافعل، ولا يلزمك تنظيفها قبل حرقها أو دفنها في مكان طاهر.

وأما مع وجود المشقة أو وجود من يقوم بذلك فلا يلزمك؛ لأن من مقاصد الشريعة رفع الحرج والمشقة عن العباد، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 6}.

سئل الشيخ ابن عثيمين: هل يتعيّن على كلّ شخص وجد قراطيس على الأرض أن يضعها في مكان مناسب؟ فأجاب - رحمه الله تعالى -: الظاهر لي أنه لا يلزم كلّ إنسان وجد قراطيس في الأرض أن يأخذها ويفتشها وينظر هل فيها آية أو حديث لأن هذا شاق, نعم, لو رأى بعينه أن في هذه القرطاسة آية من كتاب الله أو حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحينئذ يأخذه. انتهى.

وأما واجبك نحوهم فهو نصيحتهم إن تحققت أنهم قد عادوا إلى مثل ما نهيتهم عنه، مع توخي نقل كلام أهل العلم لهم ليقتنعوا مع الرفق بهم، فإن قمت بذلك فقد أديت الذي عليك.

ولمزيد من الفائدة يرجى النظر في هذه الفتاوى: 134863، 112698، 131444.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني