الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إلهام الخير والرؤى المبشرة نوع من الكرامات

السؤال

منذ الطفولة وأنا أحافظ على الأذكار, وأقرأ في كتب الدين, وأبتعد عن المحرمات, وكانت تحدث لي أشياء غير معتادة, فأود أن أعرف هل هي من كيد الشياطين واستدراجهم أم أنها من عند الله عز وجل؟ فذات يوم كنت جالسة في غرفة, وإذ بي أجد من ألقى في روعي: "أنتم رزقكم يأتيكم في كل وقت" وما فهمته مما شعرتُ به هو أننا لن نشكو من قلة أو انعدام رزقنا في أي وقت, وبأن رزقنا يصلنا دائمًا, ولن نحتاج مع الله, وكأنني واحدة من المتوكلين أو السبعين ألفًا, وفي يوم آخر كنت بالخارج أمشي ووصلتُ منطقة قرب مسجد, فكأن هناك من هو في الهواء ولا أراه لكنه ألقى في روعي أن الله يحبني, وكنت إذ ذاك أمرُّ بفترة عصيبة جدًّا من جراء مشكلة خفتُ معها أن يكون الله غاضبًا عليّ, فلما أحسستُ بهذا الإحساس استبشرتُ به, ومرة أخرى كنت أشك أنني حامل, وكنت أنتظر الصباح لأجري اختبار الحمل المنزلي, فقبيل استيقاظي من النوم رأيت رؤيا, كأن هناك مجموعة من الكائنات أمامي في السرير تعلوه, وكأنها في الهواء, وتبشرني أنني حامل بالفعل, وعندما قمتُ بالاختبار تبين أنني حامل فعلًا, ومرة أخرى رأيت عنكبوتًا من النوع الخطير في بيتي, فرششتُ عليها المبيد, وعندما انكمشتْ العنكبوت حملتها بعود لأرميها خارجًا, وكان هناك شيء في قلبي يحثني بقوة أن لا أفعل؛ حتى أتأكد أنها ماتت فعلًا, ولم أنتبه للإحساس, ومشيتُ, وعاودني الصوت الخفي في قلبي أن لا أفعل؛ حتى أتأكد من أنها ماتت, وبأن من الأفضل قتلها مباشرة, ومع ذلك رميتها, لكني بقيتُ لحظات لأرى إن كانت ماتت فعلًا أم لا, فتبين لي أنها لم تمت فعلًا, بل انكمشتْ فقط, حيلة منها, فأعدتها وقتلتُها مباشرة, ومرات عديدة أجد في روعي شبه أصوات خفية تحثني على الخير, ومنها ما أجده في منامي يطمئنني أن بعض الأمور ستمر على ما يرام, وبالفعل يلطف الله بعد ذلك, فما حقيقة كل هذا؟ وهل ما ألقي في روعي من أنني من المتوكلين شرعًا ممكن وسليم؟ أم أنه من استدراج الشياطين؟ وهل السبعون ألفًا يحددون في الدنيا أم في الآخرة؟ وهل يعرفون أنفسهم في الدنيا قبل الآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس لدينا ما نجزم به في طبيعة هذه الخواطر التي تجدينها, وعسى أن تكون خيرًا، ووصيتنا لك هي الاستقامة على طاعة الله, والصبر على الجادة المستقيمة, فذلك الخير الذي لا تشوبه الشوائب، وهو الذي ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون.

وبالجملة: فلا شك أن الإلهام والمبشرات والتحديث كلها عوارض ممكنة، وقد عدها بعض أهل العلم نوعًا من الكرامات التي يخص الله بها بعض عباده، وقد حصلت لبعض هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في إثباتها قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. متفق عليه.

قال المناوي: هو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى, أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد, أو تكلمه الملائكة بلا نبوة, أو من إذا رأى رأيًا أو ظن ظنًا أصاب - كأنه حدث به, وألقى في روعه من عالم الملكوت - فيظهر على نحو ما وقع له, وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده, وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء.

وقال الترمذي في كتابه العقل والهوى: فشكل الإلهام دلالة الخير، وضد دلالة الخير دلالة الشر، ودلالة الشر والوسواس شكل، وضد الإلهام الوسوسة، فينبغي لكل مؤمن أن يعلم الإلهام من الوسوسة.

وجدير بالتنبيه أن هذا الخواطر مهما كانت صادقة وآمرة بالخير فإنها لا تؤمن, فلا بد أن توزن بميزان الشرع، وراجعي لذلك الفتاوى التالية أرقامها: 61300 . 169625 . 68772.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني