الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج اليأس والإحباط بسبب إدمان العادة السرية

السؤال

أرجو عدم تحويلي إلى فتوى أو استشارة سابقة: أنا في قمة من التحطيم والأسى واحتقار النفس بصورة لا توصف، تعبت ويئست من رحمة ربي ـ أستغفر الله ـ والآن عمري 28 سنة وأمارس العادة السرية من قبل البلوغ أي عندما كان عمري 9 أو 10 سنوات تقريبا، قرأت كل ما يمكن قراءته عن العادة السرية، وقرأت حكمها الشرعي وتبحرت فيها وفي طرق التخلص منها ولم يجد نفعا، واطلعت على جميع الفتاوى والاستشارات والنصائح الخاصة بها، وطبقت كل الإرشادات للتخلص منها دون جدوى، والأمر الذي يدمرني أكثر وأكثر هو أنني شخص ملتزم محافظ على صلواتي في المسجد وعلى قراءة القرآن، حاولت التسجيل في ناد رياضي وتخلصت من العادة لمدة 3 أشهر ثم عدت مرة أخرى، حاولت الانشغال في أعمال الدعوة إلى الإسلام وقمت بترجمة سلسلة محاضرات كاملة إلى اللغة الإنجليزية لكي أشغل نفسي وانقطعت عن العادة السرية لمدة 11 شهرا ثم عدت مرة أخرى، بل وحتى بدأت في حفظ القرآن الكريم وحفظت 9 أو 10 أجزاء وأعود مرة أخرى، الأمر الذي أصابني بشك في وعود الله فقد اعتقدت أنني عندما أحفظ القرآن فسيحميني ولكن يبدو أن القرآن لم يجد نفعا، تم عقابي من الله عدة مرات دون جدوى, فقد تم فصلي من عملي 3 مرات, وأصبت بمرض نفسي, وأصبت بداء الكبد الوبائي وشفيت منه, والمرض النفسي الآن تحت السيطرة, وحصلت لي حوادث متعددة ومتوالية لسيارتي, وتأخر زواجي, وكل ما أجمع مبلغا من المال تحصل مصيبة تعيدني إلى الصفر، وبالرغم من كل ذلك لا زلت أعود لهذه العادة، الله يلعن من اخترعها، وفي كل مرة أفعلها أندم وأحتقر نفسي وأرى أنني منافق حتى الأغاني تركتها ولا أسمع الموسيقى، وفي الناحية الأخرى أمارس العادة السرية، أحيانا أهرب من التفكير فيها فأتوضأ وأصلي ركعتين فلا ألبث إلا قليلا حتى أفقد السيطرة وأفعلها، وفي مرة من المرات كنت أقرأ القرآن فراودتني فكرتها وسيطرت علي حتى لم أتمكن من تكملة القراءة فتوقفت وفعلتها، أي نفاق أنا فيه؟ وقيام الليل جربته ولم يجد نفعا 20 سنة أو أكثر من المحاولات المتكررة والفاشلة في الإقلاع وكل مرة أفعلها أندم وأتألم ثم أعاقب، سئمت هذا الموال فوصلت إلى قناعة وهي أنني أستسلم وأعلن استسلامي ولن أحاول الإقلاع عنها وسأعيش هكذا بين فعلها وعقابها، فإما أن يتوفاني الله غاضبا علي، وإما أن يرحمني إما أن أحاول أن أتركها فأنا أستسلم، لا أدري لماذا أكتب إليكم أصلا لأنني أعرف ردكم وأعرف النصائح التي ستوجهونها، فقد قرأت كثيرا في هذا الموضوع وما كتبت إليكم إلا لأنني لا أستطيع التفكير في شيء آخر.
تقول لي حاول؟ حاولت, تقول لي ابتعد عن الشهوات؟ جربت, تقول لي تزوج؟ لا أستطيع وكلما جمعت مالا ذهب، أنا مدمر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأبشر أيها الأخ الكريم، فإن رحمة الله أوسع مما تظن، وقد وسعت رحمته سبحانه كل شيء، وما تذكره عن نفسك من عجزك عن التوبة إنما هو من تسويل الشيطان لك وخداعه إياك، وإلا فنحن نقطع بأنك غير عاجز عن التوبة، ودليل ذلك إقلاعك عن هذه العادة الذميمة مددا طويلة، فمرة أقلعت عنها ثلاثة أشهر، ومرة أقلعت عنها قريبا من السنة، وهذا يدل على أنك قادر على تركها ـ بإذن الله ـ فقط عليك أن تكثر اللجأ إلى الله تعالى وتصدق في دعائه والتضرع له سبحانه ليرفع عنك هذا البلاء، وكلما واقعت هذا الذنب فتب ولا تمل من التوبة ولا تسأم منها، فإن الشيطان يود لو ظفر منك بهذه فيجعلك أسيرا للذنب، بل مهما تكرر الذنب فتب واعلم أن الله يقبل توبتك ويقيل عثرتك، فإن زلت نفسك وعاودت الذنب مرة أخرى فعد للتوبة وهكذا حتى يمن الله عليك بالعافية، ولا تستسلم لإغواء الشيطان وصده لك عن التوبة، فإنك مهما تبت من الذنب محا الله أثره عنك ولم تكن مؤاخذا به، والله تعالى يحب التوابين، وهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فلا تيأس واستمر في طريق الطاعة والمجاهدة، وادع الله بأن ييسر لك الزواج ويعينك على نفسك الأمارة بالسوء، واستمر في الأخذ بما أرشدنا إليه من نصائح، وسيكون ما تحب إن شاء الله من الانتصار على هذه العادة الذميمة والتخلص منها ـ بإذن الله ـ وأكثر من الطاعات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وفقك الله لما فيه رضاه وألهمك رشدك وأعاذك من شر نفسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني