الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب إلزام الزوجة بالموافقة على سكن أم الزوج العجوز معها

السؤال

امرأة حصلت لها مشكلة مع ثلاثة من إخوتها وزوجاتهم, وهؤلاء الإخوة جيران في السكن؛ حيث إن زوجات إخوتها رفضن أن تقيم حماتهن - أي أم هذه المرأة – معهن, وهذه الحماة مسنة ومريضة, وكل واحدة من هذه الزوجات تتعذر لرفضها لأم زوجها, وهذه المسنة ذهبت تبكي عند ابنها الرابع, وهو يسكن بعيدًا عن إخوانه, فاستقبلها بكل فرح, والأخت التي تسأل غضبت على الإخوة الثلاثة, وتقول: إنهم لم يتفوهوا بكلمة أمام زوجاتهم في حق أمهم, وتقول: إن الزوجات يسيطرن عليهم, وهذه الأخت تقيم في بلد غير الذي يقيمون فيه, وهي تريد أن تذهب لزيارة أمها, ولكنها لا تريد أن تزور إخوتها في بيوتهم, وتقول: إن رأيتهم في الشارع فسأسلم عليهم فقط, فهل يعد هذا من قطع الرحم؟ وهي تظن أنها تؤدبهم بهذه الطريقة لأنها أكبرهم سنًّا, وهؤلاء الإخوة يعرف عنهم أنهم أهل صلاح, فأحدهم يعظ في المسجد, وأختهم السائلة تقول لهم في الهاتف: اذهبوا واحلقوا لحاكم؛ لأنكم لا تعرفون من الدين شيئًا, وتقول: ابدؤوا المواعظ مع زوجاتكم؛ لأنكم قصرتم في حق أمكم, فهل يحق لها أن تقول مثل هذا استهزاء بهم - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأم فضلها على أولادها عظيم، وقد جعل الشرع لها مكانة عظيمة, وأوجب على أولادها برها والإحسان إليها، ويمكن مراجعة النصوص الدالة على ذلك بالفتوى رقم: 27653.

ولا شك في أنه إذا أمكن أيًّا من هؤلاء الزوجات أن تسكن أم زوجها معها فهو أفضل، فإن ذلك يدل على حسن خلقها, وقد يكسبها ود زوجها, وتحسن عشرتها معه, ولكن لا يلزمها الموافقة على سكناها معها، فقد نص الفقهاء على أن للزوجة أن تطلب مسكنًا مستقلًا عن أهل زوجها بمن فيهم الوالدان, وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 116753.

وبهذا تعلمين أنه لا مؤاخذة على الإخوة بمجرد رفض زوجاتهم سكنى الأم معهن، وأنه ليس لهم إلزامهن بذلك, كما أنه لا يلزم من هذا أن يكون هؤلاء الإخوة مسيطرًا عليهم من قبل زوجاتهم، فاتهامهم بمثل هذا من غير بينة لا يجوز.

وإذا كانت الأم محتاجة إلى السكنى أو النفقة أو الخدمة وجب ذلك على أولادها كل بحسبه, كما هو مبين بالفتوى رقم: 110382, فإذا وقع منهم تقصير من هذه الجهة فإنهم مؤاخذون، فينصح المقصر, ويبين له واجبه بالحسنى، فإن فرط فهو عاص، والعاصي يشرع هجره, ولكن تراعى في ذلك المصلحة, كما أوضحنا بالفتوى رقم: 29790.

وقد ذكر أهل العلم أن الصلة تحصل بالسلام ورده، ولكن الاكتفاء بالسلام عليهم عند رؤيتهم في الشارع فقط نخشى أن لا تتحقق به الصلة المطلوبة شرعًا, وتحصل به القطيعة؛ إذ الغالب أن يتأذوا بمثل هذا التصرف، وراجعي الفتوى رقم: 187609.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني