الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الرجوع في الدين بعد التنازل عنه

السؤال

توفي زوجي, ولدي منه ابن, ولم يترك ميراثًا قط, وكان عليه ديون مقسمة إلى قسمين: قسم لأخته, وجزء لأناس آخرين, أما أخته فقد تنازلت يوم وفاته, وقالت: سامحته, ولا أريد شيئًا, فبقي الغرباء, فقام أخوه الأكبر بسداده عنه إلى أن يرفع قضية تعويض ويسترد ما دفعه, وبمجرد أن علم أهل زوجي أن التأمينات ستصرف لي ولولدي ولأم زوجي مبلغًا - لأن حادثته كانت في وقت العمل - حاولوا أخذ وصاية ابني مني, وأصروا أن يأخذوا كامل الدَّين - سواء ما سددوه عن زوجي, أو ما سبق أن تنازلت عنه أخته من نصيبي وحدي دون غيري - فأصبحت لا أملك جنيهًا واحدًا أعيش منه, وابني صغير - عمره 7 أشهر - ولا أستطيع تركه والنزول للعمل, ولكن الله أبى إذلالي, فأرسل لي من يخرج مالًا لله فأعطاني مبلغًا ليساعدني على أعباء الحياة بجانب المعاش البسيط, فما قولكم في ما فعلت الأخت؟ وما رأيكم في قبول الأم أخذ هذا المال قبل سداد الدين؟ وهل عليّ إثم إن رضيت بذلك؟ مع العلم أني فوضت أمري لله, ولست غاضبة, بل سامحت ويكفيني أن الله عوضني خيرًا, ولكني خائفة أن يكون عليّ إثم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنجمل الجواب فيما سألت عنه في النقاط التالية:

أولًا: تنازل الأخت عن دينها تنازل صحيح, وبه تبرأ ذمة زوجك من ذلك الدين, وليس لها الرجوع فيه, والمطالبة به، جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام عند شرح (المادة 51): الساقط لا يعود, يعني إذا أسقط شخص حقًّا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا يعود, مثال: لو كان لشخص على آخر دين فأسقطه عن المدين, ثم بدا له رأي فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل, فلأنه أسقط الدين وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين, ويطالبه بالدين؛ لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه.

ثانيًا: للأخ الرجوع على الورثة فيما سدده من دين أخيه غير متبرع به, جاء في الروض المربع: وإن مات الأب رجع الابن بدينه في تركته. انتهى.

ويسدد للأخ ما دفعه من جميع التركة لا من نصيب الزوجة وحدها أو غيرها.

ثالثًا: مبلغ التعويض إن كان من مستحقات الميت بأن كان دية أو مقتطعًا من راتبه فيعتبر تركة, ويقسم على جميع ورثته, ونصيب الزوجة من ذلك الثُمُن فرضًا, وليس لأهل الميت أو غيرهم منعها من حقها, ولو فعلوا فهم ظالمون, ولها مطالبتهم بحقها, وأما لو كان مبلغ التعويض هبة لا مستحقًا للميت فيصرف حيث حددت الجهة المانحة له.

رابعًا: سؤالك هل أنت آثمة في تنازلك عن حقوقك, وسكوتك عن أخذ أم زوجك للتعويض قبل سداد الدين، والجواب أن لا إثم عليك في ذلك, فإنما هي حقوقك: إن شئت طالبت بها, وإن شئت تركتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني