الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في صفة المضمضة والاستنشاق

السؤال

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق بغرفة واحدة, ولكن الماء لا يبقى محمولًا في اليد؛ فأثناء المضمضة ينفد الماء المأخوذ بيدي منها, فلا أستطيع أن أستنشق بتلك الغرفة إلا القليل, والذي قد لا يدخل إلا في فتحة واحدة من الأنف, أو يكاد أن يدخل داخل الأنف, فمن قال: إن المضمضة والاستنشاق والاستنثار ثلاثًا لكل مضمضة واستنشاق غرفة هل اعتمد بذلك على حديث من أحاديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم؟ وقرأت أيضًا حديثًا يوصي فيه النّبي صلّى الله عليه وسلّم الذي يتوضّأ بعد الاستيقاظ بالاستنثار ثلاثًا فهل هذا سنة أم واجب أم أن فيه الخلاف؟
جزاكم الله عنّي وعن المسلمين كلّ خير, وأشكركم بعد الله لإجابتي عن أسئلتي السابقة وأسئلة الآخرين, فإنني الآن قد قلّت وساوسي عمّا سبق - ولله الفضل -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فسواء جعل المتوضئ للمضمضة ثلاث غرفات وللاستنشاق ثلاث غرفات منفصلات, أو تمضمض واستنشق بثلاث للجميع, فإن وضوءه صحيح ولا حرج عليه, وإنما اختلف الفقهاء في الأفضل منهما, فقال بعضهم: الأفضل أن يجعل للمضمضة ثلاث غرفات, وللاستنشاق ثلاث غرفات, وقال آخرون: الأفضل أن يجمع بينهما, فيستنشق ويتمضمض من غرفة واحدة, جاء في الموسوعة الفقهية: قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَتِمَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ، أَيْ أَنْ تَتِمَّ الْمَضْمَضَةُ بِثَلاَثِ وَالاِسْتِنْشَاقِ بِثَلاَثِ؛ لأِنَّ الَّذِينَ حَكَوْا وُضُوءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذُوا لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاءً جَدِيدًا، وَلأِنَّهُمَا عُضْوَانِ مُنْفَرِدَانِ, فَيُفْرِدُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَاءٍ عَلَى حِدَةٍ كَسَائِرِ الأْعْضَاءِ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالاِسْتِنْشَاقَ مُسْتَحَبَّانِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، قَال الأْثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَل: أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ بِغَرْفَةِ وَاحِدَةٍ، أَوْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ؟ قَال: بِغَرْفَةِ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

قَال الْبُوَيْطِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِن أَفْرَدَ الْمَضْمَضَةَ بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ، وَالاِسْتِنْشَاقَ بِثَلاَثِ جَازَ؛ لأِنَّهُ رُوِيَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةِ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ فَصَّل بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ؛ لأِنَّ الْفَصْل أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ فَكَانَ أَوْلَى بِالْغَسْل.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْفْضَلِيَّةِ، فَقَالُوا: إِنَّ فِيهَا طَرِيقَيْنِ، الصَّحِيحُ: أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا: الْفَصْل بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ أَفْضَل, وَالثَّانِي: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَفَضْل. اهــ .

وأما سؤالك هل الاستنثار عند الاستيقاظ من النوم واجب أو مستحب؟ فانظر جوابه في الفتوى رقم: 129640.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني