الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصح نكاح بدون ولي ولا شهود

السؤال

امرأة متزوجة بعقد صحيح وغير مدخول بها, طلقها زوجها في محادثة تلفونية إثر شجار بينهما, ثم أرجعها بقوله أرجعتك وباستشارة قاض في هذا الأمر وبموافقتها, ثم قدر لهذه الزوجة أن تغترب في بلاد الغرب وحدث لها نوع من الضياع والشعور بالوحدة وتوترت علاقتها بزوجها الذي لم يدخل بها, وتعرفت على رجل مسلم ونشأت علاقة بينهما فيها الكثير من التجاوزات والملامسات الخارجية ـ ملامسة الأعضاء التناسلية ـ دون فض العذرية أى بدون إيلاج، ثم إن هذا الرجل الذي لم يكن يعلم بزواجها ذكر لها أنه يمكنه زواجها إذا قال لها هل تتزوجينني؟ فتقبل, فقال لها: هل تتزوجينني؟ فأومات برأسها بالإيجاب دون اقتناع بأن هذا الزواج حقيقي إضافة إلى أنها تعلم أنها متزوجة ومشغولة برجل آخر, وإنما جاوبته هكذا تمسكا منها به ولإحساسها بالضياع, واستمرت علاقتهما كما كانت لفترة قليلة واختفى بعدها هذا الرجل فجأة ورفض أن يرد على اتصالاتها وأخبرها أنه لا يريدها أو فهمت منه ذلك, ثم ندمت ندما شديدا على ما فعلت من ذنب كبير وقررت أن تنهي ضياعها فورا وعادت إلى بلدها, ثم دخل بها زوجها وأتم زواجه منها, وبعد أيام قليلة أخبرها أنه اكتشف أن الطلاق قبل الدخول الذي حدث بينهما في السابق لا يمكنه إرجاعها منه إلا بعقد جديد, فاتصل بأبيها وأخبره وتم العقد الجديد, ورأت من زوجها حسن معاملة وأخلاق رفيعة وتدينا، وقد كان يحبها كثيرا وكانت تحبه قبل أن تسافر, فازدادت حبا له وتقديرا واستغفرت ربها باكية نادمة كثيرا، وتابت توبة نصوحا وتغيرت كليا إلى امرأة صالحة تراعي ربها وحقوق زوجها, وشعرت أنه من الأمانة أن تخبره فأخبرته بأنها تعرفت على رجل آخر ونشأ بعض التجاذب بينهما، ولكنها استحت وخافت أن تخبره بكل التفاصيل, والآن تعيش معه في استقرار وقد علمها الكثير من أمور دينها وأصبحت لا تتخيل الحياة من دونه، والسؤال الآن الذي يؤرقها هو: هل وقع زواجها الذي تم باللفظ من ذلك الرجل الذي تعرفت عليه في الغربة؟ علما بأنها كانت تعتقد أنها على ذمة رجل آخر، ولم تكن تعلم أن هذه الألفاظ يؤخذ بها في الشرع، فهل يجب عليها إخبار زوجها الآن عن ما حدث كاملا؟ خاصة إذا اعتبر زواجا؟ وإذا كانت تلك الحادثة زواجا، فما الذي يجب فعله بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الطلاق قبل الدخول لا تصح الرجعة فيه بالإجماع، كما بيناه في الفتوى رقم: 21466.

وزواج هذه المرأة الذي تم في الغربة غير صحيح، لأنه بدون ولي ولا شهود، ولا يصح ذلك باتفاق المذاهب الأربعة، كما سبق أن بيناه بالفتويين رقم: 17568، ورقم: 69006.

ولأن الإيجاب فيه كان بالإشارة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفقوا على أن إشارة الناطق لا تصلح إيجابا أو قبولا في النكاح. اهـ.

والنكاح دون ولي ولا شهود نكاح فاسد، كما بيناه في الفتويين رقم: 161859، ورقم: 22652.

فهذا النكاح المذكور لا أحد يقول بصحته فهو مختل الأركان والشروط ولا يظهر لنا احتياجه إلى طلاق ولا فسخ، قال النووي: إذا تزوج المحرم فنكاحه باطل عندنا وعند الجمهور ويفرق بينهما تفرقة الأبدان بغير طلاق.

فعلى هذا يكون نكاح هذه المرأة ـ والذي تم بعد النكاح الفاسد ـ نكاحا صحيحا، وانظري الفتوى رقم: 181051.

والأولى في مثل هذه المسائل أن تعرض على المحكمة الشرعية, أو على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوقين، ولا يجب عليك أن تخبري زوجك بما كان منك مع ذلك الرجل تفصيليا، بل لا يجوز وكان عليك ألا تخبريه بشيء مما حدث بينكما؛ لأن الواجب على من ابتلي بمعصية أن يستر على نفسه، ولمزيد فائدة راجعي الفتويين رقم: 182589، ورقم: 191615.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني