الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق هذه الزوجة هل فيه ظلم لها

السؤال

أود أن أعرف صحة قراري بالطلاق من خطئه وهل ظلمت زوجتي في ذلك؟ وقصتي كالآتي: أنا متزوج منذ أزيد من ثلاث سنوات، وعمري 30 سنة وكذلك زوجتي، تزوجنا عن حب حيث تعرفت على زوجتي أثناء دراستي بالجامعة، بمعنى أنني من اخترتها وليس والداي، في بداية الزواج عانيت ووالداي من التدخل المتكرر لأختها في شروط زواجنا كطلبها مؤخر الصداق وهو ما لم تشترطه بقية أسرتها، وبعد ذلك تدخلها وتأثيرها على قرارات زوجتي في حياتنا الزوجية الخاصة، علما أن أختها غير متزوجة وعمرها 47 سنة وتعاني من مرض نفسي وهو ما جعلها مسيطرة داخل أسرتها ومتطفلة إلى حد غير طبيعي، أما زوجتي رغم المودة والمحبة التي تكنها لي فهي مزاجية وكثيرة الغضب، والأسوأ من ذلك كثيرة الإصغاء لأختها وهو ما يؤدي بشكل متكرر إلى خلافات بيننا فارغة ولأسباب واهية، وبالنسبة لي كنت أحرص دائما على الإحسان إليها ومعاملتها بكل الرفق واللين والعطف الممكن إلى حد أنها أصبحت زوجة مدللة، لم أسئ إليها يوما لا لفظا ولا بأي شكل من الأشكال بل على العكس كنت ألبي جميع رغباتها كلما استطعت، لم نرزق بعد بأولاد لأننا وبعد قيامنا نحن الاثنين بالتحاليل وجدنا أنها تعاني من تأخر في الحمل وقد كنت أقوم بكل ما يمكن القيام به ولا زلت من التوفير لها للمتابعة الطبية اللازمة ودعمها معنويا ونفسيا والتأكيد لها أنني لن أتخلى عنها مهما كانت النتيجة وأن الأولاد رزق من الله يؤتيه من يشاء.... وكنت أقيم أنا وهي في بيت مستقل لمدة سنتين ثم انتقلت مؤقتا إلى منزل والدي، لأن مقر عملي انتقل إلى نفس المدينة، ومنذ البداية تدخلت أختها وحرضتها على عدم السكن في منزل والدي، علما أنني كنت أحتاج إلى توفير مصاريف الكراء لتوفير ثمن العملية اللازمة لمساعدتها على الإنجاب وكذلك لتأدية ديون دراستي العليا الباهظة، علما أن المنزل والحمد لله كبير جدا ومريح جدا وكنت أنا وهي ووالدي فقط في البيت، كانت لدينا غرفتنا الخاصة وحمام خاص والبيت فيه مجموعة طوابق ووالداي كانا يعلمان بخصوص مزاج زوجتي وكانا يأخذان دائما بخاطرها ويعاملانها أحسن معاملة بكل الحب والمودة، فأصبحت كثيرة الاستياء والانفعال بسبب موضوع الإنجاب وضغوط عائلتها عليها كي نستقل في بيت آخر، وكنت دائما أخصص لها على الأقل يومين في الأسبوع لتزور أقاربها الذين بدورهم كنت دائما حريصا على حسن معاملتهم واحترامهم، وفي أحد الأيام بسبب خلاف دون أهمية في النقاش قالت لي إنها سترحل إلى منزل أهلها بضعة أيام لتغيير الجو لأنها تحس أنها منزعجة، فرفضت وقلت لها إن الموضوع لا يستحق وأنه يمكن أن نناقشه سويا ونتصالح، لكنها مع ذلك خالفت أمري ورحلت إلى منزل أهلها، واتصلت بي في الغد وأخبرتني أنها مريضة، ومن غضبي قلت لها لا تتصل بي، وبعد ثلاثة أيام عادت إلى المنزل وبرفقتها أختها سالفة الذكر، فاحتجتا على والدتي وعلى كلامي ولما طلبت أمي من زوجتي أن تبقى في المنزل أجابتها زوجتي أن المنزل ليس منزلها وأن الأمر لا يهم والدتي، وقالت أختها إنه يجب أن أكتري لها منزلا مستقلا، كما أن معظم كلام أختها كان فيه نوع من التجريح، وعندما عدت من العمل روت لي والدتي ما حدث، ومن شدة الغضب ذهبت إلى زوجتي وقلت لها أنت طالق، وبعد ذلك في نفس المساء أتت مع أختها ووالديها، لكن دون نتيجة حيث تحولت محاولة الصلح إلى ما هو أسوأ حيث إن أمها لم ترد الاعتراف بخطئها بخروجها من المنزل وبذلا من ذلك وجهت اللوم لي على رسالتي الهاتفية ووجهت اللوم ظلما كذلك لوالدتي ظنا منها أنها هي من طلبت مني أن أتخلى عن زوجتي وهو شيء غير صحيح تماما، وحين ذهبت إليها قبل أن أنطق بكلمة الطلاق، اعترفت أنها أخطأت واعتذرت إلا أنني كنت غاضبا جدا ولم أقبل عذرها، وبعدها رفعت دعوى الطلاق للشقاق في المحكمة، واعترفت بذنبها وندمت كثيرا حسب قولها واستوعبت أن أهلها لم ينصحوها النصيحة التي تفيدها وتحافظ بها على زواجها، وتوسلت كثيرا لأرجعها، وكنت أدرك منذ البداية طبيعة نفسيتها الصعبة والمتقلبة وقد طلبت مني في أول أيامنا أن أساعدها على أن تتغير وأن تتمكن من التحرر من سيطرة أختها، حيث إنها لا تقدر على مواجهتها وهي التي ضحت من أجلها في الإنفاق على أسرتها، وأنا متمسك بالطلاق لأن والداي أحسا بنوع من نكران الجميل من طرفها ونوع من الإهانة، أما أنا فتائه بين رضا الوالدين والصفح عن زوجتي التي ندمت على فعلها، فهل إذا طلقتها أكون قد ظلمتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الطلاق مباح ولو لم يكن هنالك سبب، ولكنه يكره إن كان لغير سبب، كما بينا بالفتوى رقم: 43627.

ومن هنا تعلم أنك لست ظالما بطلاقك لزوجتك، وقد تكون هي الظالمة لنفسها بسبب تصرفاتها وسماعها لتحريض أختها لها على وجه يكون سببا في المشاكل بينكما، وينبغي العلم بأن للزوجة الحق في أن تكون في بيت مستقل، ولا يلزمها السكن مع أقارب الزوج في مسكن واحد؛ إلا أن يكون ذلك في جزء من البيت مستقل تماما بمرافقه، فليس لها حينئذ المطالبة بمسكن آخر، وانظر الفتوى رقم: 66191.

وإذا لم يكن لخروج زوجتك من البيت من غير إذنك ما يسوغه فهي بذلك قد نشزت، وعلاج النشوز في خطوات ليس الطلاق بأولها، وراجع هذه الخطوات بالفتوى رقم: 1103.

وإذا رجعت زوجتك إلى صوابها وغلب على ظنك صلاحها فننصحك بمراجعتها، وننبه إلى أنه لا يجوز تدخل أحد بين الزوجين على وجه يؤدي إلى الإفساد بينهما، وأنه ينبغي أن تكون العلاقة بين الأصهار على أحسن حال، فقد جمعت بينهم هذه الرابطة العظيمة وهي رابطة الزواج، ونوصيك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني