الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تزوج امرأة ووجد بها عيبا يمنع الجماع

السؤال

هناك مشكلة تعرض لها أحد ‏الأصدقاء، وأريد فتوى شرعية فيها.‏
تزوج صديقي من فتاة معاقة إعاقة ‏حركية في الأرجل, وقيل له إنها ‏عانت من خلع في مفصل الحوض، ‏وهذا أدى إلى وجود رجل أطول من ‏رجل, ولا تعاني من أي شيء سوي ‏‏(عرج) وبالفعل عندما رآها وجد أنها ‏‏(تعرج) فقط في مشيتها, فوافق ولم ‏يكن هذا( العرج ) سبباً في أي ضيق ‏نفسي له.‏
كتب لها قائمة، ومؤخر مثلها مثل ‏غيرها من الفتيات وما هو دارج, ولم ‏ينتقص من حقوقها شيئا.‏
ولكنه فوجئ بعد إتمام الزواج ‏والدخول بها أن( أفخاذها ) لا تفتح، ‏بمعني أن منطقة عظام الحوض ‏مضمومة على بعضها، وثابتة بحيث ‏إنها تعيق عملية العلاقة الحميمة ‏بينهما من الأمام؛ ولأنه داخليا قدر ‏حالتها فلم يتحدث مع أحد وحتى معها، ‏بل إنه كرجل وله خلفية عرف أنه لا ‏سبيل سوي إتمام العلاقة من الخلف ‏ولكن ليس في (الدبر ) وحاول ‏هذا لمدة أسبوعين وأكثر، ولكن دون ‏جدوى؛ نظراً لأنها لا تستطيع فتح ‏أرجلها حتى لو مقدار قبضة يد. كما ‏أنه لا يوجد لديها أي حركة مفصلية ‏أو عضلية في منطقة الحوض بحيث ‏تساعده، ولا تستطيع أن ترتكز على ‏ركبتها لوجود تيبس.‏
الآن هو وجد أن استمرار الزواج ‏بهذا الشكل لن يجدي، خاصة وأنه لا ‏يوجد علاج لها سوى إجراء عملية ‏جراحية بعدما تتخطى سن 50 سنة، ‏وهذا كلام الأطباء.‏
وهو يفكر ويريد الانفصال بعد شهر ‏ونصف من الزواج لاستحالة الحياة ‏الزوجية نفسيا بهذا الشكل، له ولها, ‏حيث إنها حقوق شرعية، ولن ‏يستطيع إعطاءها لها، وهي أيضا ‏بظروفها لن تستطيع أن تعطيه ‏حقوقه، ويقول في حالة استمرار ‏الزواج فلن أقترب منها نظرا ‏لصعوبة الأمر؛ ولأنه أصبح هناك ‏حاجز نفسي. ‏
ملحوظة: مازالت زوجته (بِكرا) حتى ‏الآن.‏
السؤال: ما هو حقها القانوني ‏والشرعي في هذه الحالة ؟
ما هو حقه القانوني والشرعي؟ وهل ‏هذا يندرج تحت بند الغش، والتدليس ‏من قبل أهلها, حيث إنهم لم يخبروه ‏بحالتها بشكل كامل ؟
حيث إنه بعد أن أصبح هذا الأمر ‏معروفاً لديهم, لاحظ أن ردود فعل ‏أهلها توحي بأنه كانت لديهم معرفة ‏مسبقة بهذه المشكلة، أو على الأقل ‏لديهم شك كبير في أن بنتهم ستواجه ‏هذه المشكلة.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه المسائل ينبغي أن تعرض على المحكمة الشرعية؛ لأن الأمور المتعلقة بالفسخ للعيب تحتاج إلى اجتهاد القاضي، والرجوع إلى أهل الخبرة في بعض الأمور، كما أن كثيرا من هذه المسائل محل خلاف بين أهل العلم، وحكم القاضي يرفع الخلاف، لكن لا مانع من بيان بعض الأحكام المتعلقة بالسؤال على وجه العموم، فنقول:
-إذا كان بالمرأة عيب مانع من جماعها، لا يجوز لها ولا لوليها العالم به كتمانه عن الخاطب؛ وانظر الفتوى رقم: 53843-وإذا علم الزوج بهذا العيب ونحوه، فلم يرض به، فله فسخ النكاح؛ أما إذا رضي بالعيب، أو ظهر منه ما يدل على الرضا به، فلا حق له في الفسخ.

قال ابن قدامة (رحمه الله): وخيار العيب ثابت على التراخي، لا يسقط، ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى به، من القول، أو الاستمتاع من الزوج، أو التمكين من المرأة. المغني لابن قدامة.

وفي حال الفسخ بعد الدخول، فإن للمرأة مهرها كله –عاجله وآجله- وأما إذا حصل الفسخ قبل الدخول أوالخلوة، فلا حق للمرأة في شيء من المهر.

قال ابن قدامة (رحمه الله) : وكل فرقة جاءت من المرأة قبل الدخول كإسلامها، أو ارتدادها، أو رضاعها، أو فسخ لعيبها، أو فسخ لعيبه، أو إعساره، أو أعتقها، يسقط به مهرها.
- وإذا لم يتم الدخول ولكن حصلت الخلوة، فالجمهور على ثبوت المهر كاملا بالخلوة الصحيحة؛ وانظر الفتوى رقم: 96298.
-وهل يجب المهر المسمى، أم يسقط المسمى ويجب مهر المثل ؟ المعتمد عند الحنابلة وجوب المسمى، وعند الشافعية مهر المثل.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: ويجب المهر المسمى. وذكر القاضي، في " المجرد " فيه روايتين؛ إحداهما، يجب المسمى. والأخرى، مهر المثل، بناء على الروايتين في العقد الفاسد، وقال الشافعي: الواجب مهر المثل. المغني لابن قدامة.

- وإذا استحقت المرأة المهر، وثبت أن أهلها كانوا عالمين بالعيب ولكنهم غروا الزوج، ففي رجوعه عليهم بالمهر، خلاف بين أهل العلم.

قال ابن قدامة رحمه الله- : الفصل الرابع: أنه يرجع بالمهر على من غره. وقال أبو بكر: فيه روايتان؛ إحداهما، يرجع به. والأخرى: لا يرجع. والصحيح أن المذهب رواية واحدة، وأنه يرجع به؛ ........، وبه قال الزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي في القديم. وروي عن علي أنه قال: لا يرجع. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في الجديد؛ لأنه ضمن ما استوفى بدله، وهو الوطء. المغني لابن قدامة باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني