الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحشر.. كيفيته.. وتفاوت حال الناس في المحشر

السؤال

كيف يدخل الإنسان الجنة بغير حساب أو عذاب؟ أريد معرفة طريقة دخول الجنة بغير حساب أو عذاب، أو الجلوس في أرض المحشر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا بيان صفات من يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وذلك في الفتويين رقم: 98740، ورقم: 21343. فمن اجتهد في تحقيق هذه الصفات وكان من أهلها، دخل الجنة بغير حساب، بفضل الله تعالى ورحمته.

وأما قول السائل: أو الجلوس في أرض المحشر ـ فإن كان مراده بذلك أن يخرج من قبره يوم البعث إلى الجنة مباشرة، دون المرور على أرض المحشر، فهذا لا يكون، فإن الحشر لن يغادر أحدا، قال تعالى: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا {الكهف: 47}.

قال ابن كثير: قوله: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ـ أي: وجمعناهم، الأولين منهم والآخرين، فلم نترك منهم أحدا، لا صغيرا ولا كبيرا، كما قال: قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم {الواقعة:50، 49} وقال: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود {هود:103}. اهـ.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس منهم ـ فذكر حديث الشفاعة ـ رواه البخاري ومسلم.

وراجع الفتوى رقم: 31592.

ولكن الفرق بين الناس إنما هو في كيفية الحشر وأثره، فمن الناس من يكرمون يوم الحشر ويعافون، ومنهم من يهانون ويعذبون، كما قال تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا {مريم: 85ـ 86}.

وراجع في تفصيل ذلك الفتويين رقم: 60204، ورقم: 198937.

وقال الدكتور عمر الأشقر في كتاب القيامة الكبرى: صنف من عباد الله لا يفزعون عندما يفزع الناس، ولا يحزنون عندما يحزن الناس، أولئك هم أولياء الرحمن الذين آمنوا بالله وعملوا بطاعة الله استعداداً لذلك اليوم، فيؤمنهم الله في ذلك اليوم، وعندما يبعثون من القبور تستقبلهم ملائكة الرحمن تهدئ من روعهم وتطمئن قلوبهم: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {الأنبياء: 101-103} والفزع الأكبر: هو ما يصيب العباد عندما يبعثون من القبور: إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ {إبراهيم: 42} ففي ذلك اليوم ينادي منادي الرحمن أولياء الرحمن مطمئناً لهم: يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ {الزخرف: 68ـ69} وقال في موضع آخر: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {يونس: 62ـ 64}. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني