الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجت ممن زنت به بموافقة إخوتها وأعمامها وأخوالها لأن والدها لا يريدها أن تتزوج

السؤال

أرجو أن ترشدوني للطريق الصحيح: تزوجت من الشاب الذي زنيت معه رغم طباعه الحادة وغضبه الدائم بدون مبرر، إلا أنني قبلت به وهذا لأنني ارتكبت معه الفاحشة ظنا مني بأن هذا واجب علي وخوفا من الله في حين أنه اختارني لأنني صالحة وارتديت الحجاب رغم رفضي لخطاب آخرين لذاك السبب، وكانوا يتصفون بموصفات تتمناها كل فتاة، والمشكلة أن الزواج كان بموافقة أخوالي وأعمامي وإخوتي، لأن أبي كان لا يحبني أن أتزوج رغم محاولاتي منذ2007، ولمدة ثلاث سنوات وهو على نفس الرأي رغم اتصالاتي المتكررة به والتي تنتهي بقطع الخط أو التكلم معي بطريقة لا أعرف ماذا أقول عنها، ولا يحب أن يتكلم معي حتى إنني زرته في بلد أوروبي حيث يقطن مسافة 1400، ومنذ رحيله لم يرجع فقد هجرنا دون سبب، وطباعه حادة، في حين أن زوجي دائم الإهانة لي ويضربني الضرب المبرح لدرجة أنني عانيت الكثير في حملي الأول لكونها بنتا، والآن هو يحبها، وأقول لنفسي هذا ما أستحق لفعلتي الشنيعة، فهل لصبري هذا ثواب؟ فقد ضربني وأهانني لمجرد إصراري على ذهابه للصلاة لتهاونه بها، وعيد الأضحى تحول ليوم بكاء وهذا لعدم مداومته على الصلاة، ودائمة النصح له، فهل ما فعلته صحيح؟ وهل توبتي وكثرة استغفاري مقبولة عند الله؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الزنا من من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، فالواجب على من وقع في تلك الفاحشة المبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه مع الستر وعدم المجاهرة بالذنب، وإذا استوفى هذه الشروط، فإنّ الله تعالى يغفر له ذنبه، فهو سبحانه وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره؛ كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وليس من شروط توبة الزانيين أن يتزوجا، بل لا يجوز زواج الزانيين إلا بعد التوبة والاستبراء على القول الراجح عندنا، وانظري الفتويين رقم: 111435، ورقم: 199913.

واعلمي أن الذي يزوج المرأة هو أبوها، ولا يجوز أن تنتقل الولاية إلى غيره ما دام الأب أهلا للولاية إلا إذا كان عاضلا ـ أي مانعا لها من الزواج بالكفء ـ وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 32427.

وإذا لم يكن الأب عاضلا ففي صحة تزويج غيره من الأولياء خلاف بين أهل العلم، قال المرداوي رحمه الله: وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب، أو زوج أجنبي، لم يصح، هذا المذهب بلا ريب، وجزم به في الوجيز وغيره، وصححه في النظم وغيره، وقدمه في المغني والشرح وغيرهما، وعنه: يصح ويقف على إجازة الولي، ولا نظر للحاكم على الصحيح من المذهب، وقيل: إن كان الزوج كفؤا أمر الحاكم الولي بالإجازة، فإن أجازه، وإلا صار عاضلا، فيجيزه الحاكم.

وعليه؛ فلا نستطيع الحكم على زواجك هذا بالصحة ولا بعدمها، لعدم علمنا بحقيقة واقع والدك، فننصحك برفع الأمر للمحكمة الشرعية، لأن حكم القاضي يرفع الخلاف.

واعلمي أن ضرب الزوج لزوجته دون مسوّغ وإهانته لها ظلم يبيح لها التطليق منه، وصبرها على ذلك إن قصدت به وجه الله فيه أجر كبير، لكن إذا كان الزوج تاركا للصلاة جاحدا لها فهو كافر لا يحل للمسلمة البقاء معه على هذه الحال، وأما إن كان غير جاحد لها، وإنما يتركها كسلا، فالواجب عليك نصحه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإن لم يتب من ترك الصلاة فينبغي عليك طلب الطلاق أو الخلع منه، قال المرداوي: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني