الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلاق من هددته زوجته برمي نفسها من مكان عال

السؤال

أنا رجل متزوج وأب لطفلتين حصلت مشكلة بيني وبين زوجتي وهددت برمي نفسها من البلكونة إذا لم أطلقها وقلت لها خوفا من العواقب ( والله ما صعب علي من هذه الكلمة وأنت طالق والآن قد مر ثلاثة أشهر وهي ترفض العودة وأنا أريدها أن ترجع فهل هذا الطلاق يعتبر صحيحا ؟ أرجو الإفادة فأنا في حيرة من أمري منهم من يقول إنه صحيح ومنهم من يقول إنه غير صحيح علما أن زوجتي رفضت الالتزام بالعدة الشرعية في بيتها وكانت تخرج كثيرا في غيابي وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الطلاق الذي صدر منك طلاق صحيح نافذ، وتهديد الزوجة لك برمي نفسها لا يعتبر إكراهاً لك على التلفظ بما تلفظت به من طلاقٍ حتى يقال: إنك مكره ولا تمضي تصرفاتك.. بل إنه كان بإمكانك أن تزجرها عن ذلك الفعل وتتخذ الإجراءات المناسبة اللازمة لمنعها من تنفيذ تهديدها.
وبالجملة فإن طلاقك لزوجتك نافذ لعدم ما يمنع نفوذه -كما قدمنا- والآن إن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية وكنت قد ارتجعت الزوجة في عدتها فهي زوجتك بالفعل وليس لها هي الحق في أن تمتنع من الرجوع إليك، وإن امتنعت وتمنعت بأهلها فهي عاصية لله تعالى ناشز، ومن أعانها على ذلك فهو شريك لها في الإثم.
وننبه هنا إلى أن صحة ارتجاع الزوج لزوجته في عدتها لا يشترط لها رضاها ولا رضا وليها، بل يكفي كل ما يصدر من الزوج مما يدل عليه من قول أو استمتاع أو نحو ذلك.
أما إذا انقضت عدة الزوجة قبل أن ترتجعها فلن تكون لك زوجة بعد ذلك إلا بعقد نكاح جديد تتوفر فيه كل الشروط المعروفة من رضى الزوجة ورضى الولي والمهر والشاهدين.
وكذلك إن كانت الطلقة التي صدرت منك هي الطلقة الثالثة، فليس لك أن تتزوجها إلا بعد ما تنكح زوجاً غيرك ويدخل بها. ثم إن طلقها بعد ذلك أو مات عنها جاز لك أن تتزوجها.
واعلم أنما ذكرناه لك مبني على أقوالك أنت فقط، مع العلم أن مثل هذه الأمور تتوقف موافقة الحكم فيه للصواب على سماع أقوال أطراف النزاع الآخرين.. لذلك نرشدكم إلى مراجعة المحاكم الشرعية -إن وجدت- في البلد الذي أنتم فيه، أوالحضور عند بعض أهل العلم مباشرة.
وأخيراً ننصح كلَ زوجين بأن يترافقا بالمعروف وأن يتغاضى كل واحد منهما عن هفوات الآخر، وأن يؤدي كل واحد منهما لصاحبه حقوقه، فبهذا ستقر الحياة الزوجية فينعم كل الأسرة تحت ظل وارف من الدعة والسعادة.
ونقول لهذه السيدة: إن طلب المرأة الطلاق في غير ضرر لحقها من الزوج يعتبر إثماً عظيماً، ففي المسند والسنن وصحيح ابن حبان ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
ينضاف إلى ذلك أنما هددت به من رمي نفسها من أكبر الإثم لأنه قد يؤدي إلى قتل نفسها، وليس فوق ذلك إثم ما عدا الإشراك بالله تعالى، فعليها أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك العزم توبة نصوحاً، وتدرك خطورة ذلك الأمر وجسامته ولمزيد الفائدة راجع :
8676
10397.
ونقول لك أنت أيها الزوج: اسع لإصلاح ما بينك وبين أهلك بالوسائل المشروعة لتجمع شمل أسرتك وتحافظ على تربية ذريتك بين أبويها.
فإن عجزت عن ذلك فلا تعلق نفسك بهذه المرأة بعينها فالنساء سواها كثر، ولن يكون إلا ما أراد الله تعالى، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني