الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة حول حديث سبب كون المولود ذكرا أو أنثى والرد عليها

السؤال

أريد أن أسأل عن مٍسألة التذكير ‏والتأنيث الواردة في حديث ثوبان ‏مولى رسول الله، فقد قال الإمام ابن ‏تيمية أن هذا الحديث هو الوحيد في ‏ذكر مسألة التذكير والتأنيث؛ ولذلك ‏قد يكون اشتبه على الراوي الشبه ‏بالتذكير والتأنيث، وقد وجدت ‏أحاديث أخرى تتحدث عن تحديد ‏الجنس في مسند الإمام أحمد، عن ابن ‏عباس، وقد روي بألفاظ كثيرة منها ‏ما هو ضعيف، ومنها ما هو حسن.
‏ومثال ذلك: فأنشدكم بالله الذي لا إله ‏إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى، ‏هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض ‏غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، ‏فأيهما علا كان الولد والشبه بإذن الله، ‏إن علا ماء الرجل على ماء المرأة ‏كان ذكرا بإذن الله، وإن علا ماء ‏المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن ‏الله قالوا: نعم.
‏ ما أشكل علي هو: كيف يكون ‏العلو الوارد في الأحاديث تارة يكون ‏سبباً في الشبه، وتارة أخرى سببا في ‏تحديد الجنس، فقد يكون المولود ذكرا ‏ويشبه أخواله. وأيضا في الحديث ‏السابق ورد الفعل (علا) غير متعد. ‏فهل هذا صحيح في اللغة حيث ‏إنني لم أجد الفعل (علا) مقترنا ‏بحرف الجر على؟
وكيف فسر ابن ‏تيمية بأن السبق يحدد الشبه، والعلو ‏يحدد الجنس، مع أن العلو مصرح فيه ‏بتحديد الشبه أيضا، وإذا قلنا إن علو ‏الشبه يختلف عن علو الجنس. فهل ‏يجوز هذا؟ وهل يتطابق مع ألفاظ ‏الحديث أعلاه، حيث إنني قد لاحظت ‏أن في الأحاديث التي تذكر تحديد ‏الجنس يلزم فيها اجتماع المائين إلا ‏الحديث أعلاه؟
‏ فأرجوكم أريحوني بالتفسير التام ‏للموضوع مع الإحاطة بكل الأحاديث ‏الواردة في الموضوع.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا جواب السائل في الفتوى رقم: 202375.
وأما الحديث الذي ذكره، فرواه ابن سعد في الطبقات، وأحمد في المسند، وعنه الضياء في المختارة.
وأما قوله: "ورد الفعل (علا) غير متعد، فهل هذا صحيح في اللغة، حيث إنني لم أجد الفعل (علا) مقترنا بحرف الجر على".
فليس بصحيح؛ فإن الفعل (علا) يتعدى بنفسه وبالحرف.

جاء في (المعجم الوسيط): يُقَال: علا فلَان فِي الأَرْض، تكبر وتجبر ... وَالشَّيْءَ وَعَلِيهِ وَفِيه: رقِيه وصعده. اهـ.
وقال الزبيدي في (تاج العروس): يتعدى إليه الفعل بحرف، وبغير حرف. اهـ.
وننقل للفائدة ما قاله المناوي في (فيض القدير) في شرح حديث: "إنما النساء شقائق الرجال" قال: أي أمثالهم، كذا قرره البعض، وأولى منه قول بعض العارفين: إنما كن شقائق الرجال؛ لأن حواء خلقت من آدم عليه الصلاة والسلام، وخلقت كل أنثى من بنيه من سبق مائها وعلوه على ماء الرجل، وكل ذكر من سبق ماء الرجل وعلوه على ماء المرأة، وكل خنثى فمن مساواة الماءين في الأخلاق والطبائع كأنهن شققن منهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني