الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل مراودة الوالد لزوجة ابنه يبيح للابن أخذ سكن مستقل بمعاملة ربوية

السؤال

مشكلتي هي أنني متزوج منذ سنتين ونصف تقريبا، وعندي طفلة، وأسكن مع والدي في بيته في مكان عملنا، علما بأن البيت العائلي فيه أمي وإخوتي في مدينة أخرى، والمشاكل تخنقني، أولا مع أبي الذي يتحرش بزوجتي وقد راودها عن نفسها عدة مرات، والمشكلة الثانية هي أمي وإخوتي دائما يأتون إلى البيت ويتصرفون على أساس أنهم أصحابه ويعاملونني وزوجتي على هذا الأساس، حقا الأمر لا يطاق فأنا صابر حفاظا على صلة الرحم وحبا لهم، والأهم هو احتساب الأجر عند الله، عرضت علي فرصة الحصول على سكن يوزع من طرف الدولة، وصيغته أن أدفع شطرا والدولة شطرا والباقي قرض من بنك الإسكان العمومي بفائدة 1 بالمائة، فرفضت لأنني سبق أن استشرتكم وأشرتم بحرمة الأمر، فأخذت برأيكم ورفضته راجيا أن يعوضني الله خيرا منه، فالأمر أصبح لا يطاق، وأخاف إن بقيت أن أقطع رحمي وأن تتفاقم المشاكل مع زوجتي، ولا حل إلا أن أحصل على سكن، وحتى الإيجار فهو غير وارد فمن جهة يرهقني نظرا لغلائه، ومن جهة أخرى سأقطع علاقتي مع والدي خاصة أنه يرفض هذه الفكرة، ويحثني إما أن أحصل على سكن أو أن أبقى معه، فهل أنا ضمن خانة المضطر وأحصل على القرض؟ وإذا كان لا يحق لي، فما الحل؟ أنجدوني بحل بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته ليس اضطرارا يبيح لك الإقدام على الربا الذي لعن صاحبه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه، وقال: هم سواء. ويكون محاربا لله ورسوله، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279ـ 278}. وما يأخذه من أموال يكون ممحوق البركة، كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ {البقرة:276}.

فاتق الله تعالى، واصرف نظرك عن تلك المعاملة التي يترتب على الدخول فيها أخذ قرض ربوي ولو كانت فائدته قليلة، وبدائل الربا كثيرة لمن تحراها وطلبها، فالبنوك الإسلامية تقدم صيغا تمويلية مشروعة من حيث الجملة كالمرابحة والاستصناع والتورق والشراكة وغيرها، ويمكن التعامل معها في ذلك، وننبهك على أنه لا يجوز لك ترك زوجتك مع والدك مادام يتحرش بها، وعليها أن تحتجب منه، وتحرم عليها الخلوة به، فوفر لها مسكنا مستقلا عن والدك سواء بأجرة أو بغيرها، ولا إثم عليك لو غضب والدك بسبب ذلك التصرف، لأن المسكن المستقل من حق الزوجة أولا ولا سيما إذا كان أهل الزوج يضايقونها في سكناها معهم ويسيؤون إليها، ثم إن بقاء الزوجة مع الوالد في مسكن واحد يلتقيان، وقد تحصل بينهما خلوة فيه تترتب عليه مفاسد كبيرة لما صدر عنه من قبل من التحرش، فلا يجوز تركها معه، وللفائدة انظر الفتويين التاليتين: 189625، 65480.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني