الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط تحمل العاقلة لدية قتل الخطأ

السؤال

في كتاب الديات يقولون إن الإنسان إذا اعترف وأقر بأنه قتل خطأ، أو شبه عمد، لا تتحمل العاقلة شيئا من الدية.
فهل يجوز للقاتل خطأ أو شبه عمد أن يستر نفسه ولا يخبر أولياء المقتول بأنه هو القاتل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بحث العلماء مسألة تحمل العاقلة لدية الإقرار، وبينوا أن من شروط أداء العاقلة لدية الخطأ أن لا تكون بمجرد الاعتراف والإقرار فقط؛ بل لا بد أن تكون الجناية ثابتة بالبينة، أو باللوث والقسامة.

جاء في سنن البيهقي، والاستذكار لابن عبد البر: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- لا تحمل العاقلة عمدا، ولا صلحا، ولا اعترافا.

وفي شرح ميارة لتحفة الحكام عند قول ابن عاصم المالكي:
كذا على الْمَشْهُورِ مِنْ مُعْتَرِفِ تُؤْخَذُ، أَوْ مِنْ عَامِدٍ مُكَلَّفِ

قال: يعني أن ما تقدم من كون الدية على العاقلة تؤديها منجمة، إنما ذلك بشروط. ذكرها، ومنها: أن تكون الجناية ثابتة بالبينة، أو باللوث والقسامة، أما إن ثبتت باعتراف القاتل، فعلى الجاني حالة.
وقال التسولي عند شرحه للبيت المذكور: وقيل على العاقلة بقسامة من الأولياء، وقيل على العاقلة أيضاً ما لم يتهم المقر بإغناء الورثة، لكونهم أقرباء له أو ملاطفين له، وقيل إن كان المقر عدلاً، والذي تجب به الفتوى أن المقر إذا أقر لمن لا يتهم عليه، وكان عدلاً مأموناً، لا يخشى عليه أخذ الرشوة، فالدية على العاقلة بقسامة، فإن أبوا أن يقسموا فلا شيء لهم على العاقلة ولا على المقر.

فإذا تقرر هذا، علم أن حق أولياء المقتول خطأ في ديته، ثابت، إما على عاقلة الجاني، وإما على الجاني. فإذا عجز الجاني عن إثبات خطئه لزمته الدية وحده، فكتمانه للجناية حينئذ يهدر حق أصحاب الحق، ويفوته عليهم، فهو إذاً من أكل أموال الناس بالباطل، والاعتداء على حقوقهم، فلا يجوز بحال من الأحوال.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني