الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تؤكد أن زوجها طلقها وزوجها ينكر

السؤال

أنا متزوجة منذ أكثر من 20سنة، وقبل 18سنة قال لي زوجي: أنت طالق ـ ويومها سألت إحدى الأخوات المؤمنات، فقالت ما هكذا يقع الطلاق، واستمرت حياتنا عادية، وقبل أكثر من 3سنوات تغيرت طباع زوجي معي فحاورته مرات كي يتغير دون جدوى وقلت له إما أن تغير من طبعك أو تطلقني، فكان جوابه أتريدين الطلاق؟ فأنت طالق أو طالق ـ وفي اليوم الثاني عاد معي بشكل عادي، فقلت له إنك طلقتني، فقال أنا لم أطلقك، وإنما أنت طلبت ذلك، فقلته لك، فأنا لم أطلق وليست لدي أية نية للطلاق، فاستشرت أحد الشيوخ فقال يستطيع ردك، وفي المرة الثالثة شب شجار عنيف بين ابني وأبيه فأردت إنهاء الشجار بينهما ودفعت بولدي خارج البيت وخرجت معه حتى لا يعود للبيت، فقال لي إذا خرجت فأنت طالق بالثلاثة، وهو في حالة عصبية شديدة، وفي اليوم الثاني قال لي إنه لم يطلقني، بل كان يهددني ليمنعني من الخروج، فاستشرت أحد الشيوخ فقال عليه كفارة يمين ولا يقع الطلاق، وذكرته بأنه نطق بالطلاق قبل18سنة، فقال إنه لا يتذكر ذلك أبدا، وقبل شهرين وأنا في انتظاره للغداء جاء، ولسبب تافه حصل جدال بيننا فسمعته يقول طالق طالق طالق، وبعدها حول وقال أطلقك ثلاثا، فقلت له اسكت، ماذا تقول؟ أتريد أن تطلقتي؟ فقال لي أتريدين الطلاق؟ فقلت له إنك قلت طالق، فعاد يقول أنا لم أقل طالق، بل إنني أسألك أتريدين الطلاق؟ وعندها أكدت عليه أنه قال طالق، فحلف أنه لم يقل طالق، بل قال وكأنه يسأل هل أطلقك؟ وقال هل يطلق الرجل زوجته لسبب تافه؟ وأنه مسؤول أمام الله أنه لم يطلق، ولكنني متأكدة من أنه قال أطلقك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقول زوجك لك أنت طالق في المرة الأولى والثانية طلاق صريح نافذ بلا إشكال، ولا عبرة بقوله إنه لم ينو الطلاق، فالطلاق الصريح لا يحاج لنية لإيقاعه، قال ابن قدامة رحمه الله:.. فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية، فالصريح يقع به الطلاق من غير نية...

وأما حلفه عليك بالطلاق الثلاث بألا تخرجي من البيت قاصدا منعك من الخروج لا إيقاع الطلاق: فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فالجمهور على أن الحلف بالطلاق ـ سواء أريد به الطلاق أو التهديد أو المنع أو الحث أو التأكيد ـ يقع به الطلاق عند وقوع الحنث، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً ـ وهذا هو المفتى به عندنا ـ لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة. وانظري الفتوى رقم: 11592.
وأما المرة التي تشكين فيها أن زوجك تلفظ بصريح طلاقك وهو ينكر ذلك: فالأصل في هذا الأمر أن قول الزوج هو المعتبر في الطلاق، لكن إذا لم يكن الأمر محل شك عندك، بل كنت متيقنة من تلفظه بالطلاق الصريح فقد كملت بذلك ثلاث طلقات ولا يحل لك تمكينه من نفسك، وعليك أن تفتدي منه وتتخلصي منه بالخلع أو غيره، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثا، فإنه لا يسعها المقام معه وتهرب منه وتفتدي بمالها.

والذي ننصحكم به أن تعرضوا مسألتكم على المحكمة الشرعية أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوقين ببلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني