الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استحلال الزاني من زوج من زنا بها وهل يعاقب في أهله بالفاحشة بعد التوبة

السؤال

وقع صديق عزيز على قلبي في ‏معصية كبيرة، بل هي كبيرة من ‏الكبائر ألا وهي كبيرة الزنا، مرة ‏واحدة فقط، مع العلم أنه غير محصن
وقد تاب إلى الله، وندم على ما ‏فعل، وعزم على ألا يعود إلى هذا ‏الذنب أبدا مهما كان .‏
ولكن السؤال هنا: ما هي شروط ‏التوبة النصوح من هذا الفعل ؟
وهل عليه مظلمة لزوج هذه المرأة ‏وكيف يرد هذه المظلمة؟
وهل لو تاب توبة نصوحا سترد ‏هذه المعصية إلى أهله أو زوجته في ‏المستقبل؛ لأن الله تعالى أخبرنا أن الزاني لا ‏ينكح إلا زانية أو مشركة. ‏
وقال الله تعالى أيضا: إلا من تاب ‏وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله ‏سيئاتهم حسنات. ‏
فما هو هذا العمل الصالح ؟
هل أقطع علاقتي بصديقي هذا لأنه ‏ارتكب كبيرة من الكبائر أم ماذا أفعل ‏؟
وشكراً جزيلا لكم.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أخي الكريم أن الله فتح للمذنبين باباً اسمه التوبة، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا شك أن جريمة الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب، والتوبة تتم بالإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العود إليه أبداً، مع الندم على فعل ذلك، والإكثار من الخيرات والصدقات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {68}، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {69}، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.

فبشرى لمن تاب إلى ربه توبة نصوحا، وأقبل عليه بالأعمال الصالحة مهما كان ذنبه، ومهما عظمت جريرته؛ قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وأما هل لزوج المزني مظلمة يلزم استحلاله منها لكمال التوبة؟ فنقول: إن المظلمة واقعة قطعا، ولكن هل يلزم استحلال الزوج منها أم إن ذلك لا يلزم في هذه الحالة خاصة، لما قد يترتب على ذلك من مفسدة أكبر، فقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 122218.

ومن تاب توبة نصوحا فإنه لا يؤاخذ بذنبه بعد توبته في نفسه أو أهله؛ لأن التوبة تجب ما قبلها.

وأما كيفية معاملة الصديق الفاسق: فإن تاب وأصلح شأنه، فلا حرج في مرافقته ومصادقته، وأما لو أصر على معصيته، فقد بينا كيفية التعامل مع مثله في الفتوى رقم: 109586 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني