الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج المرأة التي تمنع بضعها عن زوجها ولا ترضى البقاء معه إن تزوج بأخرى

السؤال

زوجتي تمتنع عني كثيرا بحجة الإرهاق أو العمل، والشهوة تكاد تفتك بي، وترفض البقاء معي إن تزوجت بأخرى، وأخشى على أولادي وبناتي إن طلقتها، فهم متعلقون بي جدا. أضحي من أجلهم، لكن أشعر أحيانا بالعجز.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على الزوجة إجابة زوجها إذا دعاها إلى فراشه، ولا يجوز لها الامتناع لغير عذر شرعي وإلا كانت آثمة إثما عظيما، روى الترمذي عن طلق بن علي- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إذا الرجل دعا زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور . وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. ومجرد الإرهاق، أو العمل ليس بعذر شرعي، ما لم يترتب عليها منه ضرر.

وإذا امتنعت المرأة عن طاعة زوجها في الفراش كانت ناشزا، لزوجها الحق في تأديبها وفقا لما جاء به الشرع في قوله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.

وزواج الرجل من امرأة أخرى جائز إن كان قادرا على العدل، كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا {النساء:3}. وقد يكون زواج الرجل من ثانية واجبا، وذلك في حال لم تعفه الأولى. وليس من شرط هذا الزواج رضا الأولى، أو استئذانها فيه.
وأولى ما نرشدك إليه هو محاولة معالجة أمر زوجتك وإصلاح أمرها، وبهذا تحقق مصلحة إعفاف نفسك، ومصلحة المحافظة على شمل الأسرة، وتكون قد جمعت بين المصلحتين. فإن لم يتم ذلك - نعني أمر إصلاحها - وخشيت على نفسك الفتنة، فأقدم على الزواج من أخرى إن كنت قادرا على العدل. وإذا طلبت زوجتك منك الطلاق، فلا يلزمك تطليقها، وإن رأيت طلاقها فلك الحق في التضييق عليها، والامتناع عن تطليقها حتى تفتدي منك.

قال الطبري- رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء:19}: وأما العضل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو ببعضه، فحق لزوجها... إذا هي نشزت عليه لتفتدي منه، حق له، وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر. قال أبو جعفر: فمعنى الآية: ولا يحل لكم أيها الذين آمنوا أن تعضلوا نساءكم فتضيقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن، وكسوتهن بالمعروف لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتكم (المهر) إلا أن يأتين بفاحشة من زنا، أو بذاء عليكم وخلاف لكم فيما يجب عليهن لكم... فيحل لكم حينئذ عضلهن، والتضييق عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق إن هن افتدين منكم به. انتهى بتصرف.

وإن رأيت الصبر وعدم الزواج من أخرى حفاظا على الأسرة، فلك ذلك، واحرص بعدها على كل ما يمكن أن يعينك على العفاف من الصوم وغيره، واجتنب كل ما يمكن أن يثير الشهوة من النظر المحرم وغيره. ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 103381.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني