الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدافعة وكره الوساوس الشيطانية من أعظم الجهاد

السؤال

أنا فتاة ابتلاني الله سبحانه ‏بالوسواس، وبعث لي موقعكم فتوى، ‏والحمد لله استفدت منها، ولكن ‏الوساوس ما زالت تأتيني مثل: كيف ‏سيحيي الله الموتى؟ كيف يكون هذا ‏منطقيا ؟ (أستغفر الله) أو بعدم وجود ‏الله سبحانه, وكلما أقرأ الإعجاز ‏وتزول شكوكي بعدم وجود الله، تأتيني ‏وساوس: ربما ليس موجودا. ارتعب ‏لأنني لا أستطيع ردها بسهولة, أبكي ‏كل يوم، أشعر أن الله لن يرحمني, ‏وعندما أسمع آية "إن الله لا يهدي ‏من يضل " وما يشابهها من آيات ‏أخاف أن أكون منهم, أخاف أن يكون ‏غضب الله حل علي, والآن لا أخشع ‏في صلاتي، ولا يتأثر قلبي بالقرآن, ‏أشعر بضيق في صدري عندما أذكر ‏الله, أحاول أن ألين قلبي ولا أنجح, ‏ما السبب؟ أخاف أن أكون ممكن ‏غلفت قلوبهم, وهل من الممكن لفتاة ‏في السادس عشرة أن يغلف قلبها! ‏كل يوم تزيد قسوة قلبي عن الآخر, ‏هل من الممكن أن يلين قلبي؟ أشعر ‏أن الإيمان في قلبي يساوي صفرا, قاربت ‏على الكفر , وقبل ما يقارب شهرا ‏أعتقد أنني رأيت اسم عيسى في ‏الغيوم، كانت هنالك عين، وكان هناك ‏خط تحت العين يشبه نقاط الياء، لكن ‏لا يوجد ياء ولا سين، ولكن يوجد ‏شيء يشبه الألف المقصورة.
هل هذا ‏حقيقي أم من تأثير الوسواس؟ هذه ‏أكبر فتنة مرت علي، كلما خطرت على ‏بالي يضعف إيماني، مع أن الكثير قد ‏قالي لي إنه قد رأى لا إله إلا الله في ‏الغيوم.‏
‏ أريد الرجوع إلى الله بأي طريقة, ‏ساعدوني !‏
جزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لنا ولك العافية والسلامة من الوسوسة، ونفيدك أن كونك تكرهين، وتنفرين من هذه الوساوس الشيطانية، علامة على إيمانك، وأنك لم تكفري بهذه الوساوس والخواطر؛ فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في الفتاوى: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره؛ كما قال الصحابة: يا رسول الله؛ إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به. فقال : ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب، هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس. اهـ .

والحل لمشكلتك هو الاعراض الكلي عن التفكير في هذا الأمر، وشغل النفس عنه بالانهماك في التعلم، وما تيسر من أعمال الخير. وإذا تيسر وجود صديقات مستقيمات، تتعاونين معهن على التعلم وعمل الخير، فاحرصي على ذلك، فإن الانفراد من أسباب تسلط الشيطان على الإنسان.

وأما ما تذكرين من رؤية اسم المسيح عليه السلام في الغيوم، فالمتبادر أنه من جملة ما تعانين منه من الوسواس، فلا تلتفتي لهذا وأمثاله، واشتغلي بما ينفعك في دينك، ودنياك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني