الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: مابين السرة والركبة عورة. وحديث: إن الله حرم علي الخمر والميسر والكوبة

السؤال

هل هذان الحديثان صحيحان: ما بين السرة والركبة عورة، إن الله حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة؟ الرجاء الإسناد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن حديث: ما بين السرة والركبة عورة ـ قد حسنه الشيخ الألباني، والشيخ شعيب الأرنؤوط، وقد روي من عدة طرق. وأقوى تلك الطرق: ما أخرجه الإمام أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وعبد الله بن بكر السهمي المعنى واحد، قالا: حدثنا سوار أبو حمزة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته. وأخرجه أبو داود والبيهقي وغيرهما، وقد ضعفه العقيلي في كتابه الضعفاء، فقال: وأما حديث عمرو بن شعيب: فليس يروى من وجه يثبت. اهـ.

وحسنه الألباني في إرواء الغليل، والأرنؤوط في تحقيق المسند.

ومن طرقه: ما أخرجه الحاكم في المستدرك: قال أخبرني أبو الوليد الإمام، وأبو بكر بن قريش، قالا: أنبأ الحسن بن سفيان وأخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد، قالا أحمد بن المقدام، ثنا أصرم بن حوشب، ثنا إسحاق بن واصل الضبي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: قلنا لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تحدثنا عن غيرك، وإن كان ثقة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما بين السرة والركبة عورة.

قال الذهبي في مختصره: أظنه موضوعا، فإن إسحاق بن واصل متروك، وأصرم بن حوشب متهم بالكذب. اهـ.

وقال ابن حجر: فيه أصرم بن حوشب، وهو متروك. اهـ.

وطريق آخر: أخرجه الدارقطني، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول, نا جدي, نا أبي, عن سعيد بن راشد، عن عباد بن كثير, عن زيد بن أسلم, عن عطاء بن يسار, عن أبي أيوب, قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما فوق الركبتين من العورة , وما أسفل من السرة من العورة.

قال ابن الملقن: وهذا إسناد ضعيف فسعيد بن راشد، وعباد بن كثير متروكان، وضعفه البيهقي في سننه بسعيد، فقال: سعيد بن راشد: ضعيف، وأعله ابن الجوزي في تحقيقه بهما، فقال: إنهما متروكان، وكذا صاحب الإمام، فقال: قيل في كل منهما إنه متروك. اهـ.

وقال ابن حجر: إسناده ضعيف، فيه عباد بن كثير، وهو متروك. اهـ.

وطريق آخر: أخرجه الحارث بن أبي أسامة، قال: نا داود، نا عباد، عن أبي عبد الله الشامي، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته.

قال ابن حجر: فيه شيخ الحارث داود بن المحبر رواه عن عباد بن كثير عن أبي عبد الله الشامي عن عطاء عنه، وهو سلسلة ضعفاء إلى عطاء. اهـ.

وأما الحديث الثاني: فقد أخرجه أبو داود، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ نَشْرَبُ؟ قَالَ: لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَلَا فِي الْمُزَفَّتِ، وَلَا فِي النَّقِيرِ، وَانْتَبِذُوا فِي الْأَسْقِيَةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ؟ قَالَ: فَصُبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: أَهْرِيقُوهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ، أَوْ حُرِّمَ الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ، وَالْكُوبَةُ. وأخرجه أحمد والبيهقي وغيرهما، والحديث إسناده صحيح، صححه ابن حبان بإخراجه في كتابه الصحيح، وصححه الألباني والأرنؤوط في تحقيق المسند.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني