الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يفعل من يصلي مع جماعة يسبحون جماعة بعد السنة البعدية

السؤال

قرأت على موقعكم فضيلة الشيخ عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه يسن التسبيح بعد الفرض، بحيث كان يترك وقتا بين الفرض والسنة، ولكنني الآن في بلد إسلامي غير عربي على المذهب الحنفي ويؤدون التسبيح ـ جماعة بصوت عال بعد صلاة السنة البعدية ـ وإذا أديت التسبيح بعد الفرض فإنهم سيخربون علي صلاة السنة، فبماذا تنصحونني؟ وجزاكم الله كل خير، ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن الأصل في معقبات الصلاة أن تقال عقب الفريضة وقبل النافلة البعدية, كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ففي صحيح البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنت أعرف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.

وفي صحيح مسلم عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام.

ومعنى انصرف من صلاته: سلم منها, والأحاديث في هذا المعنى كثيرة, ولكن من أتى بالأذكار بعد الراتبة فله أجرها ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد نص فقهاء الشافعية على أن الذكر لا يفوت لو قيل بعد الراتبة, جاء في حواشي الشرواني: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِهَا ـ أَيْ التَّسْبِيحَاتِ ـ عَلَى الْفَوْرِ وَعَلَى التَّرَاخِي، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَفُوتُ بِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَهَا، لِطُولِ الْفَصْلِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَالِاشْتِغَالِ بِالرَّاتِبَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ سم عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي اغْتِفَارِ الرَّاتِبَةِ أَنْ لَا يَفْحُشَ الطُّولُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ التَّسْبِيحُ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ عُرْفًا... اهـ.

والذي يمكننا أن ننصحك به أولا هو أن تؤدي السنة في البيت فإنه أعظم لأجرك وأتبع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ. رواه البخاري وغيره.

ولما رأى صلى الله عليه وسلم قوما يصلون سنة المغرب البعدية في المسجد قَالَ: هَذِهِ صَلَاةُ الْبُيُوتِ. والحديث في سنن أبي داود.

قال في عون المعبود: صَلَاة الْبُيُوت: أَيْ الْأَفْضَل كَوْنهَا فِيهَا، لِأَنَّهَا أَبْعَد مِنْ الرِّيَاء وَأَقْرَب إِلَى الْإِخْلَاص لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّهُ فِيهِ حَظّ لِلْبُيُوتِ مِنْ الْبَرَكَة فِي الْقُوت.. اهـ.

فإن تعذر أداء السنة في البيت، فإنك لن تعدم وسيلة تجمع فيها بين الإتيان بمعقبات الصلاة بعد الفريضة وبين أداء السنة من غير أن يحصل لك تشويش كأن تؤدي السنة في مؤخرة المسجد، أو مكان آخر فيه بعيد عن المصلين، أو تؤديها في رحبة المسجد الخارجية، أو أي مكان آخر، وتراجع الفتوى رقم: 202723.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني