الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق إذا فعلت الزوجة ما علق زوجها طلاقها عليه متأولة

السؤال

أفتونا جزاكم الله خيرا.
طلقت زوجتي بسبب خلاف بيننا، وجلست في بيتهم سنة، حصل فيها تغيير كبير فيها. كانت امرأة ملتزمة، مصلية، تقرأ القرآن. عندما أرجعتها لا يعني أنها لم تعد تصلي، بل مصلية، وما زالت تقرأ القرآن، ولكن وجدت معها كمبيوتر، ووجدت فيه حسابا في الفيس بوك باسم مستعار، ووجدت رسالة من شخص فيها كلام غرام. حلفت بالله على المصحف أن الكلام لأختها، وهي من تراسله أي أختها، وأنها لم تراسل هي هذا الشخص إلا مرتين، وعلى أساس أنها أختها. غضبت غضبا شديدا، وهممت بطلاقها، ولكن تراجعت لاستفتائي، ونصحوني بعدم الطلاق، وأيضا لحلفها الدائم أنه لأختها. قلت لها إن عدت لهذه الأشياء: استخدام النت والفيس بوك بالذات، في معصية، فأنت مطلقة، طبعا كنت أقصد أي وسيلة، ولم أتوقع أنه يمكن أن يحصل هذا الشيء مرة أخرى. ولمعرفتي بها؛ لأننا متزوجان منذ عشر سنوات. المهم مرت فترة وإذا بي أجد أنها تراسل نفس الشخص، وبالهاتف، بنفس الاسم المستعار، وعلى أساس أنها امرأة تحمل جنسية مختلفة، وكل رسائله هو وعددها أربع رسائل كلام غرام وحب. أما رسائلها فلم أجدها؛ لأنها كانت تحذفها. انهلت عليها هذه المرة ضربا شديدا، فاعترفت أنها تراسله منذ شهرين، ولكن ليس بشكل دائم، وهي كانت تحلف أنها لا تدري ما أصابها، وأنها لم تكن بوعيها طيلة هذين الشهرين. وطلبت مني فرصة أخيرة، وقالت إنها أول غلطة منكرة. لأن ما حصل بالنت؛ كانت أختها. أما هذه المرة فهي معترفة، وقلت لها: ألا تدرين أنك حلفت يمينا بالله؟ وأنا حرمت بالطلاق أن تعودي لمثل هذا الشيء؟ قالت: إني حرمت على استخدامها للنت وليس الهاتف، وأنها ما فكرت بذلك، وإلا والله ما كانت ستفعله بحسب أيمانها. أنا الآن لا أدري ماذا أعمل؟ ومن ثم استفتيت وقالوا إن الطلقة لا تقع بسسب جهلها لما علقت الطلاق، ولكني اكتشفت أن الاتصال والرسائل دام خمسة أشهر، والتقت به في السوق مرتين، وأوصلها بالسيارة، ولكن كسائق؛ لأنها سيارة أجرة، وركبت في المقعد الخلفي، وحلفت أنها لم تعمل غير ذلك، ولم تكلمه أثناء ركوبها السيارة. أنا لم أعد أستطيع أن أصدقها، فهي حلفت أيمانا كاذبة في بداية اكتشافي لها، وقالت إنها حلفت كذبا لتستر نفسها. الآن كيف أصدق أيمانها أنه لم يقع ماهو أكبر، وأنها لن تعد لمثل هذا الشيء، مع العلم أنها تحلف بذلك بشكل شبه يومي، وأنها لا تعلم كيف فعلت ذلك وأنه بدون مشاعر ولكن لا يعلم بها إلا الله؟
السوال: هل تستحق أن أعطيها فرصة أخيرة بعد أن سامحتها في المرة الأولى، أعطيتها الثقة بالرغم أنها لم تعترف بكبر خطئها في المرة الأولى بحسب طلبها، وأيمانها أن أسترها، وأنها لن تعود لمثل هذا العمل بأي نوع، وسترجع كما كانت قبل تلك السنة التي ذهبت إلى بيتهم وأحسن؟ وإن وافقت كيف سأتعامل معها والشك سيقتلني، والشيطان لا يتركني للحظة. أخاف أن تكون عملت أكبر مما علمت، وأخاف والعياذ بالله من المستقبل، مع العلم أنها تشترك حاليا في تحفيظ القرآن الكريم وكانت تتواصل معه، ولكن كان في أول أسبوع لها في التحفيظ، ولم أعد أثق فيها فقد وثقت فيها في المشكلة الماضية.
اعذروني على التخبط فلا يعلم بحالي إلا الله وجزاكم الله خيرا.
ملاحظة: نحن متزوجان منذ عشر سنوات، ولنا طفلان: ولد وبنت. وكما ذكرت قد طلقتها من قبل طلقة بسبب خلاف ليس له علاقة بهذه المواضيع فهي لم تكن هكذا.
ملاحظة: هي تقول إنه قد يكون فيها سحر أو عين هو الذي أدى إلى ذلك. أرجو التوضيح أفيدونا وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحلفك بالطلاق لزوجتك أن لا تعود إلى مراسلة هذا الأجنبي، وأنت تقصد بذلك أن تترك المواصلة معه بأي وسيلة، يعدّ من قبيل الطلاق المعلق، فإذا وقع المحلوف عليه وقع الطلاق.

لكن قد ذكرت أن زوجتك تدعي أنها فعلت هذا الشيء متأولة، وظانة أن قصدك الإنترنت وليس الهاتف، وفي العذر بهذا التأول خلاف، يبنى عليه الحكم في مسألتك هل يلزمك الطلاق أولا يلزمك، وعلى رأي من يقول بلزوم الطلاق، فلك أن تراجع زوجتك إذا لم تكن هي الطلقة الثالثة.

وقد بسطنا هذا الحكم أكثر في الفتوى رقم: 200830 وما فيها من إحالة فانظرها للمزيد.

أما ما سألت عنه من الإبقاء على هذه الزوجة من عدمه، فلا يملك الفصل في ذلك إلا أنت، فإن كنت قد آنست من هذه المرأة صدقا في التوبة، وإقلاعا محقّا عن محادثة هذا الأجنبي ومراسلته، فلا ضير أن تمسكها وتتناسى ما مضى، واعتبر هذه هفوة كتبت محتها التوبة، واحرص على إصلاحها وتربية أبنائك.

وإن كنت تعلم من هذه المرأة مخادعة و إصرارا على الغي، فخير لك أن تفارقها بمعروف، فلا تأسف النفس على من لا تأمن عشرته، وقليل الشرّ يغري بكثيره، وصون العرض مطلوب، وبكلّ حال فاستر عليها فلا تفش سرها هذا لأحد.

وراجع الفتوى رقم: 190157 .

أما دعوى السحر: فلا نخوض في ذلك بنفي ولا إثبات؛ إذ لا علم لنا به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني