الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب المالكية في استعمال جلد الميتة ولبسه

السؤال

أعمل وأقيم في بلاد غير مسلمة وغير كتابية، وأغلبهم كفار، فما حكم ارتداء الأحذية والملابس الجلدية؟ قد اخترت الأخذ بالقول بطهارة جلد الميتة بالدبغ، ثم قرأت الحديث عن عدم الانتفاع بجلد الميتة واختلاف الفقهاء، وأخشى أن أكون ممن يتتبع الرخص، لأنني أميل لقول المالكية بطهارة الماء ما لم يتغير، فعلى قول المالكية، فإن جلد الميتة يطهر ظاهرا لا باطنا، فلو عرقت قدمي في الحذاء، فهل تتنجس قدمي والجورب وكل ما تلامسه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقول الراجح والمفتى به عندنا أن الجلود كلها تطهر بالدباغ, ولو كانت من خنزير, وبالتالي، فيجوز لك ارتداء الأحذية والألبسة المصنوعة من الجلد المصنوعة في بلد إقامتك, أو غيره، وراجع التفصيل في الفتويين رقم: 172 ورقم: 21705.

ولا حرج عليك في العمل بهذا القول وإن كنت تقلد المالكية في مسألة أخرى, وبخصوص مذهب المالكية في شأن جلد الميتة: فإنهم يقولون بنجاسته ولو بعد الدبغ على القول المشهور، ولا يطهر بالدباغ لا ظاهرا ولاباطنا، وإنما يرخص عندهم في استعماله بعد الدبغ في اليابسات والماء الطهور خاصة، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أن جلد الميتة والجلد المأخوذ من الحي نجس ولو دبغ، على المشهور المعلوم من قول مالك، لا يجوز بيعه، ولا يصلى عليه، قاله ابن رشد، ولا يؤثر دبغه طهارة في ظاهره ولا باطنه ـ إلى أن قال: يعني أن الإمام رخص في استعمال جلد الميتة بعد دبغه، كان من ميتة مباح كالبقر، أو محرم كالحمار، ذكي أم لا، في اليابسات، بأن يوعي فيها العدس والفول والحبوب ونحوها، والماء، لأن له قوة يدفع عن نفسه، ويغربل عليها ولا يطحن عليها، لأنه يؤدي إلى زوال بعض أجزائها فتختلط بالدقيق، ويجلس عليها، وتلبس في غير الصلاة، ولا تلبس، ابن يونس أي في الصلاة، وأما في غيرها فجائز، وهذا الترخيص في غير جلد الخنزير، أما هو: فلا يرخص فيه لا في يابسات ولا في ماء ولا غير ذلك، لأن الذكاة لا تفيد فيه إجماعا، فكذلك الدباغ. انتهى.

والذي يظهر من مذهب المالكية أنك إذا لبست حذاء من جلد ميتة ثم حصل لك عرق في القدم فإنها تتنجس، كما يتنجس كل ما أصابته رطوبة هذا العرق، لأنه نجس، جاء مواهب الجليل للحطاب المالكي: قال البرزلي في مسائل الصلاة في آخر مسائل بعض المصريين: كان شيخنا يقول: إذا وجد النعال من جلد الميتة: فإنه ينجس الرجل إذا توضأ عليه، وفيه نظر لجواز استعماله في الماء ـ قلت: بل الظاهر كما قال شيخه، لأن الماء يدفع عن نفسه، وأما الرجل إذا بلت ولاقاها فقد صدق عليه أنه استعمل في غير اليابسات. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني