الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع المال للكافر رغبة في إسلامه

السؤال

هناك صديق لي أجنبي أرى في نفسه قبولا للإسلام، لكنه لا يعلنه، فهل يجوز لي أن أدفع له مالا وأساعده ماديا كي يدخل في الإسلام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في الهدية للكافر الذي يرجي إسلامه إذا أريد بذلك تأليفه للإسلام، وترغيبه فيه، فقد أمر الشرع الحكيم بترغيب الكفار في الإسلام، ودعوتهم إليه ولو بالمال، وجعل من مصارف الزكاة مصرف المؤلفة قلوبهم، كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ {التوبة:60}.

وروى الترمذي عن صفوان بن أمية، قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الخلق إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي...

وقال ابن حجر في فتح الباري:... والمراد بالمؤلفة: ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلاما ضعيفا، وقيل كان فيهم من لم يسلم بعد كصفوان بن أمية، وقد اختلف في المراد بالمؤلفة قلوبهم الذين هم أحد المستحقين للزكاة، فقيل كفار يعطون ترغيبا في الإسلام، وقيل مسلمون لهم أتباعٌ كفار ليتألفوهم، وقيل مسلمون أول ما دخلوا في الإسلام، ليتمكن الإسلام من قلوبهم...

وقد ذهب الجمهور إلى أن المؤلفة قلوبهم لا يزالون معدودين في مصارف الزكاة، فيعطي منه لمن يرجى إسلامه، قال العلامة العثيمين في شرح الزاد عند قول المؤلف: الرابع المؤلفة قلوبهم، ممن يرجى إسلامه، أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه........ قوله: الرابع المؤلفة قلوبهم ـ المؤلفة: اسم مفعول، وقلوب: نائب فاعل، لأن اسم المفعول بمنزلة الفعل المبني للمجهول، أي: الذين يعطون لتأليف قلوبهم، قوله: ممن يرجى إسلامه، أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه ـ فهم الذين يطلب تأليف قلوبهم على هذه الأمور المذكورة، وهي:

الأول: الإسلام، بحيث يكون كافرا، لكن يرجى إسلامه إذا أعطي من الزكاة، فيعطى من الزكاة، لأن هذا فيه حياة قلبه، وحياته في الدنيا والآخرة، فإذا كان الفقير يعطى منها لإحياء بدنه، فإعطاء الكافر الذي يرجى إسلامه من باب أولى، ولو كان غنيا وعلم من قوله: يرجى إسلامه ـ أن من لا يرجى إسلامه من الكفار، فإنه لا يعطى أملا في إسلامه، بل لا بد أن تكون هناك قرائن توجب لنا رجاء إسلامه، مثل أن نعرف أنه يميل إلى المسلمين، أو أنه يطلب كتبا أو ما أشبه ذلك، والرجاء لا يكون إلا على أساس، لأن الراجي للشيء بلا أساس إنما هو متخيل في نفسه.

الثاني: أن يرجى كف شره، بأن يكون شريرا على المسلمين وعلى أموالهم، وأعراضهم، كقطع الطريق أو التحريض عليهم أو إفساد ذات البين وما أشبه ذلك، فيعطى لكف شره، فإن استطعنا كف شره بالقوة فلا حاجة إلى إعطائه.

الثالث: أن يرجى بعطيته قوة إيمانه بحيث يكون رجلا ضعيف الإيمان عنده تهاون في الصلاة، وفي الصدقة، وفي الزكاة، وفي الحج، وفي الصيام، ونحو ذلك.

والعلة أنه إذا كان يعطى لحفظ البدن وحياته، فإعطاؤه لحفظ الدين وحياته من باب أولى.. انتهى.

وراجع الفتويين رقم: 99348، ورقم: 24601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني