الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة نفسية خطيرة...لكن لها علاج

السؤال

أنا شاب في ال 19 من عمري لدي مشكلة أني عندي مرض نفسي خطير هو حب تعذيب النساء كلذة جنسية وذلك أكثر لذة عندي من الجنس.. المشكلة أن ذلك المرض قد يتفاقم إلى الشذوذ الكامل وبالتالي كارثةالحل الطبي هو مشاهدة أي نوع من أنواع المثيرات الجنسية الطبيعية أو سماعها سواء كانت كارتون ورسومات أو حقيقية هل يجوز ذلك في حالتي ؟ وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإسلام دين شامل كامل يحقق التوازن بين مطالب المادة والروح، وما من معضلة كيف كانت سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية أو خلقية إلا ولها حل في الإسلام علمه من علمه وجهله من جهله.
ونبشر السائل الكريم بأن هذا الداء العضال الذي ألمَّ به له حل، فما من داء إلا وله دواء، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له الدواء. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وليس علاجك فيما ذكرت من استخدام المؤثرات الجنسية فإن ذلك حرام كما لا يخفى، والعبد إذا أراد أن يتداوى فإن عليه ألا يتداوى بمحرم فإنه داء وليس بدواء، وإن مثله حينئذ كمثل المستجير من الرمضاء بالنار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام. رواه أبو داود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وليعلم الأخ السائل أنه إنما أتي من قبل إبليس اللعين، فإن له مدخلين عظيمين ينفذ منهما إلى ابن آدم، وهما مدخل الشهوات ومدخل الشبهات، وقد أصابك عن طريق الشهوات ذلك لأنك حين تلجأ إلى تعذيب النساء إنما تفعل ذلك عن شهوة تجد منها لذة تفوق -كما ذكرت- لذة الاستمتاع الجنسي، وكل ذلك من إغواء الشيطان لك.
وأول طريق للعلاج هي: أن تلجأ إلى الله مستعيذاً به من الشيطان الرجيم، وهو القائل سبحانه:وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200].
واعلم أنك وقعت فيما وقعت فيه لأنك قد فتنت بالنساء، وذلك إنما يحدث غالباً إذا كان المرء لديه فضول نظر واختلاط بالنساء الأجنبيات عنه، فعليك أخي السائل أن تتذكر أن الله تعالى قد أشار إلى خطورة فتنة النساء، لأن نفس الرجل مجبولة على حبهن، فقال عز وجل:زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14].
وقال تعالى بعدها:قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:15].
وقال صلى الله عليه وسلم محذراً كذلك من فتنتهن: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فعليك أن تحذر من فتنة النساء، ويعينك على ذلك أن تلتزم بالأوامر الشرعية التي أمر الله بها والتي تسد باب الفتنة بهن، ومن ذلك أن تغض بصرك. وتأمل قوله تعالى:قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
ومن ذلك ألا تخلو بامرأة أجنبية عنك. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. رواه الطبراني عن بريدة رضي الله عنه.
وبالجملة فإن علاجك -أخي السائل- في اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، وتجنب المثيرات الجنسية، والحذر كل الحذر من فتنة النساء، وسد المنافذ الموصلة إلى ذلك، وذلك بغض البصر وعدم الخلوة بهن والاختلاط وما إلى ذلك، فإن فعلت فسيعصمك الله بإذنه، وهو سبحانه على كل شيء قدير، ونسأل الله سبحانه أن يتوب عليك، ويذهب بأسك ويحصن فرجك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني