الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصحابة أفضل من الخلف في كل فضيلة

السؤال

هل يمكن للإنسان أن يصل إلى درجة إيمان الصحابة ورقة قلوبهم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فكيف؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يمكن وصول درجة إيمان الصحابة، لأنهم فازوا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم ورؤية بعض معجزاته وما أيده الله به، وعاصروا تنزل الوحي وحضروا المجالس الإيمانية التي كان يربيهم فيها أعظم وأفضل العلماء والمربين صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الاسلام في الفتاوى: ومن المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتاب والسنة وما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف: أن خير قرون هذه الأمة في الأعمال والأقوال والاعتقاد وغيرها من كل فضيلة أن خيرها: القرن الأول، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة: من علم وعمل وإيمان وعقل ودين وبيان وعبادة.... كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد: أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ... . وما أحسن ما قال الشافعي ـ رحمه الله ـ في رسالته: هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل، وكل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا. اهـ.

وقال الشيخ أبو الحسن الندوي ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: والرسول يغذي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ولم يزل يربيهم تربية دقيقة عميقة، ولم يزل القرآن الكريم يسمو بنفوسهم، ولم تزل مجالس الرسول تزيدهم رسوخا في الدين وعزوفا عن الشهوات وتفانيا في سبيل المرضاة وحنينا إلى الجنة وحرصا على العلم، وانحلت العقدة الكبرى عقدة الشرك والكفر، فانحلت جميع العقد كلها، وجاهدهم جهاده الأول، فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر ونهي، فانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى، فكان النصر حليفه في كل معركة. اهـ.

وعلى المؤمن أن يكون طموحا عالي الهمة حريصا على اتباع الصحابة بإحسان والعمل بعملهم، كما قال سبحانه وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة:100}

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نجاة إذا حصل الافتراق في هذه الأمة، إلا باتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقد روى الترمذي في جامعه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي. حسنه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني