الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز دعاء المظلوم على الظالم، وبيان الأفضل من الدعاء عليه

السؤال

أنا زوجة ثانية، وأم زوجي تكرهني كراهية شديدة، وتغار مني، وقالت هذا الكلام صراحة لزوجي: لا تهاتفها أمامي، فأنا أشعر بالغيرة !!!
تتفق مع زوجته الأولى على مهاتفتي، وإرسال رسائل سب، ودعاء علي، وتشكيك في زوجي، ومودته لي!!!
وأصبر وأتغاضى، ومرة أخبر زوجي بأفعالهما، ومرات أسكت وأبتلع الإهانة والظلم.
وأدعو لهما بالمغفرة والصبر، وأدعو بتأليف قلوبنا، وإصلاح ذات البين. وكلما هممت بالدعاء عليهما أقول: اعفي يعفو الله عنك.
لكن مؤخرًا اشتد أذاهما كثيرًا، ولا أجد في قلبي محلا للعفو ولا حتى الدعاء بالهداية، وخاصة والدته تعبر عن بغضها وكراهيتها بشكل فج وصريح.
ألتمس لزوجته بعض العذر، لكن والدته لا أجد لها عذرا، تعاملني على أني عشيقته ولست زوجته!!! تسبني، وتدعو علي.
مؤخرًا لا أستطيع الكف عن الدعاء عليها، وأنا أعلم أني مظلومة، والله حتمًا سيستجيب. حتى محبتي الجارفة لزوجي لم تهدئ قلبي أن أكف عن الدعاء عليها.
هل في دعائي عليها عدم بر لزوجي، مع العلم أني لا أدعو بشيء بعينه، فقط أدعو الله أن ينتقم لي، ويسلط عليها جنده.
وطبعًا كل هذا لا علم لزوجي به، بل أسأله عن أحوالها، وأعرض عليه أن أرافقها إن أراد؛ لأنها وحيدة، فزوجها توفي، لكن والله لم أعد أستطيع العفو. أنا تزوجت وعففت نفسي لم كل هذا البغض والحقد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع قد رخص للمظلوم في أن يدعو على من ظلمه؛ قال سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148}.

قال ابن عباس- رضي الله عنه- في تفسيرها: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله:"إلا من ظلم"، وإن صبر فهو خير له. أخرجه الطبري.

ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. متفق عليه. وغيره من الأدلة. وانظري الفتوى رقم: 20322

لكن الأولى للمظلوم أن يعفو عن ظالمه، فالعفو من الخصال الحميدة، فهو من صفات المتقين؛ كما قال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}، }. والعفو سبب لمغفرة الله لمن عفا، كما قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}. وانظري المزيد من فضائل العفو في الفتوى رقم: 27841

فالحاصل أنه لا حرج عليك في الدعاء على والدة زوجك إن ظلمتك، وليس في ذلك إخلال بحق زوجك. وإن كان الأولى أن تعفي عنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني