الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الدين دون حاجة تلجئ إليه

السؤال

سؤالي وباختصار: هل أخذ قرض من مصرف قطرالإسلامي، مع عدم الحاجة الماسة له مثلا لبناء بيت، أو عمل مشروع حلال ولا لبس فيه (أعتقد أنه نظام المرابحة، وأنتم أعلم مني) مع أني لا أشتري ولا أبيع، وأحصل على المبلغ نقدا، وأرجعه بربح معلوم. حلال أم حرام؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنصوص الشارع في مجملها تدل على التحذير والتنفير من التساهل في أخذ الدين، ما لم تدع إلى ذلك حاجة معتبرة.

قال في تحفة الأحوذي عند شرح ما رواه الترمذي وغيره من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم فإن عليه دينا. قال أبو قتادة: هو عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالوفاء. قال: بالوفاء، فصلى عليه. وهو حديث صحيح.

قال القاضي وغيره: امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المديون إما للتحذير عن الدين، والزجر عن المماطلة والتقصير في الأداء، أو كراهة أن يوقف دعاؤه بسبب ما عليه من حقوق الناس ومظالمهم.

وقال القاضي ابن العربي في العارضة: وامتناعه من الصلاة لمن ترك عليه ديناً، تحذيراً عن التقحم في الديون لئلا تضيع أموال الناس؛ كما ترك الصلاة على العصاة زجراً عنها حتى يجتنب خوفاً من العار، ومن حرمان صلاة الإمام وخيار المسلمين. انتهى.

وهنالك نصوص كثيرة في هذا المعنى؛ مما يدعو المسلم الكيس إلى الحذر من الدين وتركه، ما لم تلجئه إليه حاجة لا يجد لها قضاء دونه. فإن احتاج إليه، فليطلب قدر حاجته فقط، وليسلك السبل المشروعة للحصول عليه من قرض حسن، أوالدخول في معاملة مباحة. ومن تلك المعاملات التي تعتبر بديلا شرعيا عن الربا: التورق، ولا يقصد منه صاحبه الانتفاع بالسلعة، ولكن يقصد من ورائها المال، وقد انقسم العلماء في جوازه إلى فريقين، والراجح فيه أنه يجوز؛ لعدم ورود النص بالمنع من هذه المعاملة، ولا يصح قياسها على العينة؛ لأن البيعتين منفصلتان، فصح التعامل بها.

جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بأكثر ليتوسع بثمنه، فلا بأس، وتسمى مسألة التورق. وذكره في الإنصاف وقال: وهو المذهب، وعليه الأصحاب.

وقد بينا الضوابط الشرعية لجواز تلك المعاملة سواء أكان ذلك مع البنك المذكور أوغيره في الفتاوى أرقام: 172553/193711/181833

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني