الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إزالة التعارض بين حديثين

السؤال

روى الطبراني بسند صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (6 / 53: 2516), وصححه أيضًا في صحيح الترغيب والترهيب (1 / 36: 153) عن بكر بن ماعز, قال: سمعت عبد الله بن يزيد يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتٍ فِي الْبَيْتِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ يُنْقَعُ، وَلَا تَبُولَنَّ فِي مُغْتَسَلِكَ" ووردت بعض الآثار عن الصحابة والتابعين بنفس المعنى, وروى أبو داود والترمذي بسند صححه الألباني في صحيح أبي داود (1 / 53: 19) عن حكَيمة بنت أميمة بنت رقيقة, عن أمها أنها قالت: "كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدح من عَيْدان تحت سريره، يبول فيه بالليل", وأنا تبعًا للحديث الثاني أقوم بالآتي - لا سيما وقت البرد -: عندي قنينة بحجم ثلاثة ألتار أضعها تحت سريري، وأبول فيها، ولا أقوم بتفريغها إلا بعد أن تمتلئ تمامًا، وقد تبقى أيامًا دون إفراغها، علمًا أنها محكمة الإغلاق تمامًا؛ فلو سقطت على الأرض فلا يمكن أن تنجس شيئًا لأنها - كما أسلفت - محكمة الإغلاق، فما حكم اتخاذ هذه القنينة وبقائها هكذا أيامًا دون إفراغها حتى تمتلئ؟ وهل إبقاؤها هكذا يدخلني ضمن الحديث الأول ويمنع دخول الملائكة؟ وهل يجب عليّ إفراغها في كل يوم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

اتخاذ القدح للبول جائز؛ لحديث أميمة بنت رقيق الذي ذكرته، وأما الجمع بين الحديثين، فقال السيوطي في حاشيته على سنن النسائي: لعل المراد بانتقاعه طول مكثه, وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالبًا, وقال مغلطاي: يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت, بخلاف القدح فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر.

وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِقَاعِ طُولُ الْمُكْثِ, وَمَا جُعِلَ فِي الْإِنَاءِ - كَمَا ذُكِرَ - لَا يَطُولُ مُكْثُهُ غَالِبًا, أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ, وَرُخِّصَ فِيهِ بِاللَّيْلِ؛ لِمَا مَرَّ, وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ: الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ نَهَارًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ. انْتَهَى.

وعلى هذا, لا حرج عليك، طالما أمنت انتشار النجاسة، ولم يطل المكث، والأولى أن تريقه نهارًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني