الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظاهرة التثاؤب.. رؤية علمية شرعية

السؤال

إذا تعارض حديث مع إثبات علمي فماذا نرجح؟ مثال: التثاؤب يفيد في المحافظة على درجة حرارة الدماغ ويكون الجسم بحاجة أكبر للأوكسجين، إذا، فالتثاؤب مفيد، فكيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان ـ وأنا أكظم التثاؤب فأبقى طوال النهار يأتيني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أجمع العلماء على أن قطعي الوحي لا يتعارض أبداً مع قطعي العقل، وبالتالي فلا يمكن أن يحدث تعارض بين حقيقة علمية ثابتة وبين خبر شرعي قطعي، وإنما عبرنا بالحقيقة العلمية لتخرج النظرية والفرضية العلمية، فهي تقبل الصواب والخطأ، أما الحقيقة العلمية: فلا تقبل التشكيك، ولذلك كان من الخطأ أن نقيم التعارض بين نصوص الوحي، وبين فرضيات ونظريات ما زالت محل دراسة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 132984، 71713، 26538.

وما ذكره السائل في السؤال من فائدة التثاؤب هو من هذا الباب، فإن من النظريات التي تفسر ظاهرة التثاؤب ما يقول بأن الجسم يُحدث التثاؤب ليتمكن من جلب المزيد من الأكسجين، أو طرد ما يتراكم من ثاني أكسيد الكربون!! لكن صواب هذه الفرضية لا يتوافق مع ملاحظة أننا نتثاءب أثناء التمارين الرياضية، وقد اختبرت هذه الفرضية من العالم النفسي، روبرت بروفين ـ من جامعة ميريلاند وأحد خبراء التثاوب، ووجد أن إعطاء مزيد من الأكسجين لمجموعة من الناس لا ينقص التثاؤب، كما أن إنقاص كمية ثاني أكسيد الكربون في بيئة تنفس هؤلاء الناس لم يمنع حدوث التثاؤب، كما أن هذا الأمر لا ينطبق على الأجنة، فقد كشف التصوير السمعي أن الأجنة بدءًا من الشهر الثالث تتثاءب لدرجة يخال فيها المرء أن فكّها سينتزع من مكانه! وعلى الرغم من ذلك، فإن الجنين لا يسحب أدنى جزئية من الأوكسجين! هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فمن غرائب التثاؤب: تلك العدوى الموجودة فيه! فما أن يتثاءب شخص ما في مجلس، حتى تسري العدوى التثاؤبية إلى معظم الحاضرين، وهذا مما يُذَم به التثاؤب ويكره من أجله، ومن أضراره أيضا ما أشار إليه الدكتورعبد الرزاق كيلاني في كتاب الحقائق الطبية في الإسلام بقوله: التثاؤب هو شهيق عميق يجري عن طريق الفم، وليس الفم بالطريق الطبيعي للشهيق لأنه ليس مجهزاً بجهاز لتصفية الهواء، كما هو في الأنف، فإذا بقي الفم مفتوحاً أثناء التثاؤب تسرَّب مع هواء الشهيق إلى داخل الجسم مختلف أنواع الجراثيم والغبار والهَبَاء والهَوام، لذلك جاء الهَدي النبوي الكريم برد التثاؤب على قدر الاستطاعة، أو سد الفم براحة اليد اليمنى أو بظهر اليسرى. اهـ.

وذكر الدكتور أنور حمدي في كتابه النوم: أسراره وخفاياه ثلاث فوائد للأمر النبوي الكريم برد التثاؤب قدر المستطاع، فقال:

ـ أولها: أنه دليل بلا شك على ذوق جمالي رفيع، إذ إن المتثائب حين يفغر فاه كاملاً، مظهراً كل ما فيه.. مع ظهور رائحة الفم، يثير الاشمئزاز في نفس الناظر.

ـ ثانياً: فائدة وقائية، إذ يفيد في منع الهوام والحشرات من الدخول إلى الفم أثناء فعله.

ـ وثالثاً: وقائي أيضاً، فهذه التعليمات الرائعة تقي من حدوث خلع في المفصل الفكي الصدغي، ذلك أن الحركة المفاجئة الواسعة للفك السفلي أثناء التثاؤب قد يؤدي لحدوث مثل هذا الخلع.

وأخيرا ننبه على أن الأحاديث الواردة في ذم التثاؤب، والأمر برده قدر المستطاع، لا تنفي وجود فائدة للجسم من ورائه مطلقا، وإنما فيها بيان لما ينبغي فعله حال حصوله، وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 179017، 75، 191915.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني