الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تدريس الرجال للنساء في جامعة غير مختلطة

السؤال

ما حكم الدراسة في جامعة غير مختلطة, يوجد فيها بعض المدرسين الرجال وأنا بحجابي الكامل؟ أريد الأدلة على ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي أن يكون الرجال على حدة والنساء على حدة في أماكن الدراسة ونحوها؛ لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ.

لكن ما دام لا يوجد اختلاط, فلا حرج في الدراسة في تلك المدرسة, لكن يجب أن يكون ذلك بالضوابط الشرعية، من عدم الخلوة، وأن تكون النساء ساترات جميع جسدهن, ومن ذلك الوجه، فإنه محل الفتنة, وأصل الطمع، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ {الأحزاب:59}، وقال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وكون ذلك من وراء حجاب، أي: لا يرون منهن شيئًا، وذلك دليل الاحتجاب التام، وتنبغي مراعاة ضوابط اللباس بأن يكون فضفاضًا غير شافٍّ.

ومن ذلك أيضًا غض البصر من الطرفين، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، وقال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {النور:31}. فلا ينظرن إليه إلا لحاجة.

وكذلك عدم فعل ما يلفت انتباه الرجل، قال تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ {النور:31}، وكذلك تجنب الاقتراب بالجسد مما يكون سببًا للفتنة ولو دون ملامسة, وكذلك ترك الخضوع في القول وترخيمه، قال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}، قال البجيرمي في تحفة الحبيب: وإذا قرع باب المرأة أحد فلا تجيبه بصوت رخيم, بل تغلظ صوتها بأن تأخذ طرف كفيها بفيها وتجيب, وفي العباب: ويندب إذا خافت داعيًا أن تغلظ صوتها بوضع ظهر كفها على فيها. اهـ

ولا شك أن الأولى للطالبات أن يخترن الدراسة مع المدرسات، فإن ذلك أسلم لهن وأطهر، ثم إن خافت الطالبة من انخرام شيء من الضوابط الشرعية من جهتها أو جهة المدرس، فإنه يحرم عليها الحضور عنده، وإن أدى ذلك إلى ترك الدراسة، ولتتق الله في ذلك، وقد قال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، ثم قال: وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ {الأحزاب:33}.

وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 25353، والفتوى رقم: 25316، والفتوى رقم: 25343.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني