الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث..القوم الذين تقرض شفاههم

السؤال

مامعنىالحديث( مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت(أنس) من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أمتك من أهل الدنيا، كانو يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم) فهل الإنسان حينما ينشر منشورات أو أشرطه أو كلمة نافعة وهو يجاهد نفسه على فعلها وفي بعض الأحيان لا يعمله ولكن يحب الناس أن يعملوا هذا الخير كي يكسب الأجر ويسقط الإثم عنه. أرجوا الإجابه والتوضيح ونصحي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأولاً ننبه الأخ السائل إلى أن السائل في الحديث هو النبي صلى الله عليه وسلم وليس أنساً كما فهمنا من صنيع الأخ السائل، والمجيب هو جبريل عليه السلام، كما ورد التصريح بذلك في بعض روايات الحديث في مسند أحمد وغيره.
وأما عن معنى الحديث ففي الحديث الزجر والتهديد الشديد لمن ترك المأمور مع أمره لغيره به، أو أتى المنكر مع نهيه لغيره عنه.
وترك المأمور وإتيان المنكر مذموم على كل حال وصاحبه متوعَد، سواء أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أم لا، ولكن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر سبب في أمره نفسه بطريق الأولى، فإذا لم يفعل قبح منه ذلك جداً.
وأقبح منه ما لو جمع بين الإثمين فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفعل هو في نفسه المنكر وترك المعروف.
ولا بأس أن نضرب مثالاً يتضح به المقال أكثر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق. رواه أحمد.
فالرفث والفسق منهي عنهما للصائم وغيره، ولكن فعلهما من الصائم أقبح لأن الصوم سبب مؤكد لاجتنابهما.
فهل يجوز لأحد أن يقول: لن أصوم لأنني لا أستطيع أن أوفي الصوم حقه فلا أستطيع اجتناب الرفث والفسوق، والجواب معلوم وهو أن هذا لا يجوز.
فإن فعل ذلك فقد ارتكب إثمين، إثم ترك الصيام وإثم الوقوع في الرفث والفسوق.
وإن صام ثم رفث أو فسق فقد قام بواجب وارتكب إثماً، وهذا أخف من الأول.
والخلاصة: أن الذم في هذا الحديث وما شابهه من الآيات والأحاديث إنما هو واقع على ارتكاب ما نهي عنه لا عن نهيه عن المنكر.
فنحن ننصح الأخ السائل بمواصلة ما هو عليه من الدعوة إلى الله عز وجل بنشر المنشورات والأشرطة النافعة وتذكير من يستطيع تذكيره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مجاهدة النفس على فعل الواجبات واجتناب المحرمات والمسابقة إلى الفضائل بقدر الاستطاعة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني