الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

حدث بيني وبين زوجتي خلاف, فقلت لها: لن أجامعك لمدة شهر, وأنتِ عليّ كظهر أمي, ولم أجامعها لمدة شهر, ولكن كان هناك بعض مقدمات الجماع, علمًا أنني لم أكن أعلم حكم الظهار, ولا أعلم ماذا يترتب عليه؟ أفيدونا - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي؛ فقد ظاهر منها, وقال محرمًا من القول ومنكرًا، كما قال تعالى: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا {المجادلة:2} لذلك لا يجوز للمسلم أن يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي، وإذا قال ذلك: فلا يجوز له أن يقربها بجماع, ولا بمقدماته حتى يكفر عن هذا القول كفارة الظهار, وهي المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة: 3-4].
وإذا كان قولك: أنت علي كظهر أمي تابعًا لقولك مدة شهر, وتقصد به تحريم جماعها في هذه المدة فقط، وانقضى الشهر ولم تجامعها فيه فإنه لا كفارة عليك - على الراجح من أقوال أهل العلم - قال ابن قدامة في الشرح الكبير: ويصح الظهار معجلاً, ومعلقاً بشرط, ومطلقاً, وموقتاً؛ نحو أن يقول: أنت علي كظهر أمي في شهر رمضان، وإن دخلت الدار؛ فمتى انقضى الوقت زال الظهار .. وحلت بلا كفارة، ولا يكون عائداً إلا بالوطء في المدة.

وعليك أن تتوب إلى الله وتستغفره مما فعلت من مقدمات الجماع قبل انقضاء الفترة المحددة؛ فلا يجوز للمظاهر أن يستمتع بزوجته - على الراجح من أقوال أهل العلم - حتى يكفر لقول الله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا {المجادلة:3}، فقد حمله الجمهور على عمومه؛ فمنعوا كل أنواع التمتع إلا بعد الكفارة؛ قال ابن رشد في المقدمات: حمله أكثر أهل العلم على عمومه, فقالوا: لا يقبّل المظاهر, ولا يباشر, ولا يمس حتى يكفر، وهو مذهب مالك. ولو تصدقت أو فعلت خيرًا لكان حسنًا.

وإذا كان قصدك بقولك: وأنت عليّ كظهر أمي أن ذلك بدون تحديد بمدة, ولا علاقة له بالشهر المذكور: فإن عليك الكفارة المذكورة في الآية الكريمة، ولا تأثير في الحكم بعدم علمك به.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني