الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أحرم بالحج بنية مترددة وأحكام أخرى

السؤال

كنت أعمل مع خالي المطوف في أعمال الحج، وكنت في سن 23 أو 25، ولما كانت أعمال الحج تتطلب الذهاب إلى عرفة ومنى أشار علي أحدهم أن أحج معهم وأنا أعمل، فذهبت إلى عرفة في اليوم التاسع ليلا بعد أن نويت الحج وأنا متردد، وفي طريقي إلى الحج حصلت مشادة بيني وبين أحد المارة غير المحرمين، وتطور الأمر إلى رفع السلاح الأبيض علي وضربي به، وقد تأذيت كثيرا وتأذت يدي من جراء ذلك، وعند وصولي إلى منى ذهبت إلى المستشفى فورا وتمت خياطة يدي فتوقف النزيف، وأعطاني علاجا ضد التسمم، فذهبت بعدها إلى المخيم ولكنني بدأت أشعر بالإعياء والتعب وارتفعت حرارتي ولم أستطع إكمال مناسك الحج، ونمت من شدة الإعياء ولم أستيقظ إلا في منتصف الليل، وقد أصبحت عرفة خالية من الحجاج، ولم أستطع أن أكمل مناسك الحج بعدها كما يجب في باقي الأيام، ولم أطف طواف الإفاضة ولم أسع بين الصفا والمروة، فقال لي والدي يجب أن أذبح لك أضحية عن دم للتحلل من الإحرام، وبعدها لم أكمل النسك، تزوجت بعدها وأنجبت 4 أبناء، وعمري الآن 38 سنة، وأخشى أن تكون تلك الحجة لم تنته ـ أي أنني مازلت محرما ـ فهل يجب علي أن أعوضها بحجة أخرى؟ أم الطواف والسعي يجزئان، علما بأنني من سكان مكة المكرمة، وقد طفت واعتمرت أكثر من مرة، أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت أحرمت بالحج بنية مترددة هل تدخل في النسك أم لا، فإن إحرامك هذا لم ينعقد أصلا، ومن ثم فلا يلزمك شيء ولم تسقط عنك حجة الإسلام بذلك إن كانت هذه الحجة هي حجة الإسلام ولم تحج بعدها، وإن كنت أحرمت بنية جازمة، وحصل التردد بعد ذلك هل تكمل أم لا، فهذا إحرام صحيح، ثم إن كنت وقفت بعرفة في زمن الوقوف ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فقد تم حجك، ولكن يجب عليك دم لكل واجب تركته من واجبات الحج، فيجب عليك دم لترك المبيت بمزدلفة إن كنت تركته لغير عذر المرض، ودم لترك رمي الجمار، ودم لترك المبيت بمنى، وما دمت قد طفت وسعيت بعد ذلك للعمرة فقد وقع طوافك وسعيك مجزئان عما بقي عليك من طواف الحج وسعيه، ولم ينعقد إحرامك بأول عمرة أتيت بها بعد حجك، لأنك كنت متلبسا بإحرام الحج، وانظر الفتوى رقم: 168451.

وأما نكاحك: فإن كان بعد حصول الطواف والسعي في أول عمرة لك، فهو نكاح صحيح، لأنك بطوافك وسعيك، مع فوات وقت الرمي قد تحللت من الحج تحللا أصغر، وبهذا يصح عقد النكاح عند جماعة من الفقهاء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 144885.

وإن وقع النكاح قبل الطواف والسعي، وبعد فوات وقت الرمي، وآخره مغرب اليوم الثالث من أيام التشريق، فيرجى أن يصح العقد، عملا بقول من رأى أن التحلل الأصغر يقع بالرمي وحده، وأنه إن لم يرم ولم يفد مكانه تحلل بفوات وقته، كما سبق في الفتوى رقم: 143451.

والأحوط إن كنت قد تزوجت قبل الإتيان بالطواف والسعي وإخراج الدم عن الرمي، أن تجدد هذا العقد، وأما ما حصل من وطء: فإنه وطء بشبهة، والأولاد ينسبون إليكما، وقد أخطأت خطأ بينا بعدم الرجوع إلى أهل العلم خلال هذه المدة، فبادر بالتوبة من ذلك، ونسأل الله أن يتجاوز عنا وعنك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني