الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حول مسألة العذر بالجهل في مسائل الاعتقاد

السؤال

ما حكم من كان حديث عهد بالإسلام أو كان في بادية بعيدة ولم تصله أحكام الإسلام أو القرآن، وكان يصدق ادعاء شخص معرفة الغيب، أو قدرة شخص ما على إحياء الموتى، أو عدم معرفة أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل واتباع شخص آخر يدعو إلى التوحيد أيضا ولكنه يدعي النبوة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن ثبت له عقد الإيمان بالنطق بالشهادتين، ثم أتى بشيء من الكفر، وهو يجهل، عُذِر بجهله، إلا أن يكون معلوماً من الدين بالضرورة، كالصلوات الخمس، وأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، أو أنه لا يحيي الموتى إلا الله، فإنه لا يُعذر منكره، لشيوع العلم به بين المسلمين، إلا أن يكون المنكِر نشأ ببادية بعيدة، أو كان حديثَ عهد بالإسلام، فإنه يٌعذر، قال ابن قدامة في المغني: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، جَاحِدًا لَهَا، أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، دُعِيَ إلَيْهَا فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ صَلَّى، وَإِلَّا قُتِلَ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا، أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ عُرِّفَ وُجُوبَهَا، وَعُلِّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، لَمْ يُعْذَرْ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ، وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ، لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، فَلَا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ، فِي الِاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. انتهى.

وقال ابن حزم في الفصل: وكذلك من قال: إن ربه جسم من الأجسام، فإنه إن كان جاهلاً، أو متأولاً فهو معذور لا شيء عليه ويجب تعليمه، فإذا قامت عليه الحجة من القرآن والسنن، فخالف ما فيهما عناداً، فهو كافر، يحكم عليه بحكم المرتد، وأما من قال: إن الله عز وجل هو فلان، لإنسان بعينه، أو أن الله تعالى يحل في جسم من أجسام خلقه، أو أن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبياً غير عيسى ابن مريم، فإنه لا يختلف اثنان في تكفيره، لصحة قيام الحجة بكل هذا على كل أحد، ولو أمكن أن يوجد أحد يدين بهذا لم يبلغه قط خلافه لما وجب تكفيره حتى تقوم عليه الحجة.

ويُراجع للفائدة الفتوى رقم: 111072، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني