الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم مؤخر الصداق في حال الوفاة؟ وعلى من تكون نفقة الأولاد بعد وفاة أبيهم؟

السؤال

عندما كنت أتفق مع والد زوجتي على مؤخر الصداق لم أكن أعرف أنه دَين مستحق عليّ في حالة الوفاة، والعرف عندنا أن يكون المؤخر 10000 جنيه مصري, ولكنه طلب مني 20000 مؤخرًا؛ لأنه مادي جدًّا، ومن الممكن أن يكون قصده الردع، فلم أخالفه اعتقادًا مني أنني لن أطلقها مهما حدث؛ لذا لن تستحقه، وكان ذلك حسب معلوماتي البسيطة آن ذاك، وأبوها لم يعلمني بحقيقة الأمر، فقلت له: من الممكن أن يكون 25000 فوافق على الفور, ومنذ يومين فؤجئت بحقيقة المؤخر, وأنه يستحق في كل الأحوال، وقد نويت الجهاد, ولا أريد أن أقابل ربي مدينًا، مع العلم أنني لو كنت أعرف حقيقة المؤخر ما كنت لأوافق على هذا المبلغ، فما هو المبلغ الذي يجب أن أعطيه لها كمؤخر؟ وبنتي عمرها عام، فهل ألزم بنفقاتها بعد الشهادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأولًا: يحسن بنا أن نلقي الضوء على اختلاف العلماء في مسألة عدم تحديد الأجل في الصداق، أو تحديده بأجل مجهول، فإن منهم من منعه، ومنهم من أجازه، ومنهم من فرق بين عدم تحديد الأجل وبين تحديد أجل مجهول، فأجاز الأول ومنع الثاني.

وعلى القول بالجواز: يترتب على ذلك صحة المسمى المؤخر.

وأما على القول بالمنع: فمنهم من قال يبطل الأجل ويتعجل المسمى ـ على اختلاف بينهم في التعجيل هل يكون حالًا أم غير ذلك ـ ومنهم من قال ببطلان التسمية ووجوب مهر المثل، قال ابن قدامة في المغني: وإن أجله ولم يذكر أجله, فقال القاضي: المهر صحيح، ومحله الفرقة، فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل, لا يحل الآجل إلا بموت، أو فرقة، وهذا قول النخعي والشعبي, وقال الحسن, وحماد بن أبي سليمان, وأبو حنيفة, والثوري, وأبو عبيد: يبطل الأجل, ويكون حالا, وقال إياس بن معاوية وقتادة: لا يحل حتى يطلق, أو يخرج من مصرها, أو يتزوج عليها، وعن مكحول, والأوزاعي, والعنبري: يحل إلى سنة بعد دخوله بها، واختار أبو الخطاب أن المهر فاسد, ولها مهر المثل، وهو قول الشافعي؛ لأنه عوض مجهول المحل, ففسد كالثمن في البيع، ووجه القول الأول, أن المطلق يحمل على العرف, والعادة في الصداق الآجل ترك المطالبة به إلى حين الفرقة, فحمل عليه, فيصير حينئذ معلومًا بذلك، فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة, كقدوم زيد ومجيء المطر ونحوه, لم يصح؛ لأنه مجهول, وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وهاهنا صرفه عن العادة بذكر الأجل, ولم يبينه فبقي مجهولا, فيحتمل أن تبطل التسمية, ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل.

وانظر كذلك الفتوى رقم: 17243.

ثانيًا: أما بخصوص حالتك، فعلى القول بصحة تأجيل المهر أو بعضه إلى أجل غير محدد، فإنه يجب عليك الالتزام بالمؤخر المسمى الذي اتفق عليه ـ وهو هنا 25000 جنيهًا مصريًا ـ لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. متفق عليه. وقوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقًا.

وهذا المبلغ يحل عند الفرقة بوفاة، أو طلاق على القول بصحة التأجيل، أما على القول بفساد التأجيل، فإنه يثبت في ذمتك معجلًا على ما سبق تفصيله، وأما على القول بفساد التسمية أصلًا، فإنه يجب مهر المثل، وقد سبق بيان كيفية تحديده في الفتوى رقم: 121117.

وأما نفقة بنتك: فلا تجب عليك بعد وفاتك، وإنما ينفق عليها من مالها إن كان لها مال أصلًا، أو ورثته منك، فإن لم يكن لها مال فقد اختلف العلماء فيمن يلزم بنفقتها، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 31315، ورقم: 69641.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني