الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو قول أبي حنيفة في السحر، وفي الإيمان؟

السؤال

ما هو قول أبي حنيفة في السحر، وفي الإيمان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر أهل العلم أن الإمام أبا حنيفة - رحمه الله تعالى- كان يَقُولُ: الطَّاعَاتُ مِنَ الصَّلاةِ وَغَيْرِهَا لَا تُسَمَّى إِيمَانًا, وَكُلُّ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يُنْكِرُونَ قَوْلَهُ ذَلِكَ. كذا قال ابن عبد البر وغيره.

وقد سبق الحديث مفصلًا عن حقيقة الإيمان عند الجمهور في الفتوى رقم: 12517.

وقد روى ابن عبد البر في التمهيد بسنده: أن حمادَ بنَ زيدٍ قال: كلمت أبا حنيفة في الإرجاء فجعل يقول، وأقول, فقلت له: حدثنا أيوب عن أبي قلابة قال: حدثني رجل من أهل الشام عن أبيه - ثم ذكر الحديث سواء إلى آخره [يعني حديث: أي الإسلام أفضل؟ قال: (الإيمان ...)] - قال حماد: فقلت لأبي حنيفة: ألا تراه يقول: أي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان, ثم جعل الهجرة والجهاد من الإيمان؟ قال: فسكت أبو حنيفة, فقال بعض أصحابه: ألا تجيبه يا أبا حنيفة؟ قال: لا أجيبه وهو يحدثني بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )[45].

فهذا الخبر يدل على رجوع أبي حنيفة - رحمه الله - عن قوله في الإيمان، أو على توقفه في الجواب عن هذا الحـديث.

وأما السحر فهو يرى أنه كفر، ويقتل صاحبه.

فقد قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: السحر حرام بلا خلاف بين أهل العلم, واعتقاد إباحته كفر, وعن أصحابنا، ومالك، وأحمد يكفر الساحر بتعلمه وفعله, سواء اعتقد الحرمة أو لا, ويقتل وفيه حديث مرفوع: "حد الساحر ضربة بالسيف" يعني القتل. اهـ.

هذا وليعلم أنه قد زكى الإمام أبا حنيفة كثير من الأئمة، فقد نقل المزي في تهذيب الكمال تزكيته والثناء عليه عن كثير من الأئمة منهم ابن معين, وابن المبارك, وابن جريج, ويحيى بن سعيد القطان, والشافعي، فذكروا من سعة علمه وورعه واشتغاله بالعبادة، وقد أطال المزي في ذلك فذكر في حياة أبي حنيفة والثناء عليه قريبًا من ثلاثين صفحة، وقد ألف الذهبي كتابًا في فضائل أبي حنيفة وصاحبيه، سماه: مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وذكر في هذا الكتاب ثناء التابعين وأتباعهم على أبي حنيفة، منهم الأعمش, والمغيرة, وشعبة, وسعيد بن أبي عروبة, وابن عيينة، وقد ألف فيه الحافظ محمد بن يوسف الصالحي الشافعي - رحمه الله - كتابًا سماه: عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة النعمان.

وقد ألفت في هذا العصر بعض الكتب في مناقبه والثناء عليه، ومن أهمها رسالة دكتوراه كتبها الدكتور محمد قاسم عبده الحارثي اسمها مكانة الإمام أبي حنيفة بين المحدثين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني