الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين حديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب" وبين حديث: "إن الرزق لا تزيده الطاعة"

السؤال

كيف نوفق بين حديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" وبين أحاديث: "إن الرزق لا تزيده الطاعة ولا تنقصه المعصية" "ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها"؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في حديث ثوبان ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. أخرجه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده حسن ـ قال: وسألت شيخنا أبا الفضل العراقي ـ رحمه الله ـ عن هذا الحديث، فقال هذا حديث حسن. اهـ.

وضعف الألباني جملة: وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.

وأما حديث: إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية. فقد أخرجه الطبراني في المعجم الصغير, وقال الألباني: موضوع.

وإذا تبين أن هذا الحديث مكذوب، فلا يمكن أن يعارض به حديث ثوبان المتقدم.

وأما حديث: أيها الناس: اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها, وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حلّ، ودعوا ما حرم. وقد أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني.

فلا يعارض ما جاء في حديث ثوبان، فإن قضاء الله عز وجل على نوعين:

النوع الأول: قضاء مبرم، وهو ما سبق في علم الله تبارك وتعالى وكتبه سبحانه في اللوح المحفوظ، وهذا النوع لا يتبدل ولا يزيد، ولا ينقص.

والنوع الثاني قضاء معلق، وهو الذي في الصحف التي في أيدي الملائكة، فإنه يقال: اكتبوا رزق فلان، إن لم يعصِ، فهو كذا, وإن عصى، فهو كذا.

وفي علم الله وقدره الأزلي أن فلانًا سيعصي أو لا يعصي، فهذا النوع يدخل فيه التغيير، والزيادة والنقص، وهذا هو المراد في مثل حديث ثوبان - رضي الله عنه -.

وراجع لمزيد الفائدة والتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 175281، 64404، 18306، 52546.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني