الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية سداد الديون عند تغير سعر العملة

السؤال

أشكركم على هذا الموقع، وكل أملي أن تفتوني في مشكلتي: أنا وزوجتي نعمل بالسعودية في مدينة الباحة ـ والحمد لله ـ وفقنا الله لشراء شقة بسوريا منذ 5 سنوات بقيمة 4 ملايين ليرة، وقمنا بدفع عربون للشقة مليوني ليرة سورية، وقمت بكتابة العقد مناصفة مع زوجتي، وبقي من قيمة الشقة مبلغ مليوني ليرة، فقمت بعدها بفترة باستدانة مبلغ 800 ألف ليرة من أصدقائي وأقاربي، وبقي من قيمة الشقة مبلغ مليون ومائتا ألف ليرة، فأتينا بعدها بفترة بشخص يقوم بإعطائي المبلغ ويستخدم المنزل ـ أي قمنا برهن المنزل لهذا الشخص ـ وأنا وزوجتي ذهبنا إلى السعودية وقمنا بعمل وكالة لوالدتي على أن تنهي إجراءات الشقة من حيث الرهن أو الإيجار وتقوم بتسديد المبالغ المتبقية من قيمة الشقة ـ مبلغ مليون و 200 ألف ليرة ـ بعد سنتين، لأن عقد الرهن مدته سنتان، فقامت والدتي بعمل جمعية ـ وهي عبارة عن مجموعة أشخاص يطلب من كل شخص مبلغ في كل شهر ويتم إعطاؤها لأحد الأشخاص في المجموعة نفسها بحيث تعطى حسب حاجة كل شخص وكنت بحاجة قيمة الرهن بعد سنتين ـ حتى نقوم بتسديده المبلغ حسب المدة المتفق عليها، وفي كل شهر كنا نحول لها مبلغ 5000 ريال تقريبا على أن تسدد للمشتركين في الجمعية، وكان دورنا في استلام الجمعية على موعد انتهاء عقد الرهن ـ أي بعد سنتين ـ وبذلك نكون قد جمعنا مبلغ مليون ومائتا ألف، وهي قيمة الرهن، ونكون بذلك قد استلمنا الشقة، وعندها اتصلت على والدتي بسوريا، وسألتها هل قمت بتسليم قيمة الرهن لصاحبه واستلام الشقة منه؟ فقالت إنني تصرفت بقيمة 570 ألف ليرة، وعندي حاليا ستمائة وثلاثون ألفا فقط، فقلت لها كيف ذلك ونحن تعبنا سنتين حتى تقومي بتسديد المبلغ وتصرفت في الأمانة التي وكلناك بها دون علمي ودون موافقتي، فانفعلت جداً على تصرفها هذا، لعدم تأديتها الأمانة التي وكلتها عليها، فبقي الشخص الذي قمنا برهنه الشقة في شقتنا حتى سداد المبلغ المتبقي علينا وهو 570 ألف ليرة وتم تجديد عقد الرهن على أن يتم تسديد 570 ألف ليرة المتبقية التي لم تسددها والدتي، وعند قرب انتهاء عقد الرهن في كل سنة أكلم والدتي دائما بسداد الرهن فتقول إن المبلغ غير متوفر لديها، وأنا على هذا الوضع منذ 3 سنوات، مع العلم أن والدتي تعمل في مجال التجميل بالسعودية ولديها إقامة مع والدي أيضا ـ والحمد لله ـ تأخذ مبلغا جيدا في الموسم ـ تقريباً 70 ألف ريال ـ كما أنها معلمة بسوريا، وهي ووالدي لديهما أملاك بسوريا، وعند مطالبتي لها في كل صيف بتسديد قيمة الشقة تنفعل وتغضب مني ولا تكلمني، وهذه السنة الثالثة، ولم أستلم شقتي بسبب المبلغ المتبقي من قيمة الشقة وقدره 570 ألف ليرة، أما الذي تم رهن شقتنا له فقد قام برفع دعوى بأنه يريد قيمة الشقة بالدولار بنفس قيمة الليرة منذ سنة بما يعادل 8400 دولار، وذلك لتأخر والدتي في سداد قيمة الرهن حيث كانت قيمة الليرة منذ سنة تعادل 12 ليرة تقريبا، ومنذ سنة عند قرب انتهاء عقد الرهن كلمت والدتي هل ستقومين بتسديد المبلغ وقدره 570 ألف ليرة فقالت لي بأنه ليس لديها المبلغ وقد بلغني من أخي أن المبلغ متوفر لديها واشترت به سيارة بسوريا وقالت لي ليست لي علاقة بشقتك فقمت بتوكيل عمي وخالتي بأمور الشقة، مع العلم بأن سعر صرف الليرة في الوقت الحالي يعادل 86 ليرة يا فضيلة الشيخ: منذ عدة أيام جاءت والدتي من سوريا وكلمتها بخصوص قيمة الرهن المتبقي ـ وهو 570 ألف ليرة ـ على أن تقوم بتسديد الرهن بالدولار بقيمة ـ 8400 دولار ـ ونستلم الشقة أو أن تعطيني المبلغ المتبقي من قيمة الشقة وقدره ـ 570 ألف ليرة ـ بسعر الصرف منذ 3 سنوات أي بما يعادل 47500 ريال وأقوم بسداد المبلغ، أرجو أن تفتيني في هذا الأمر حيث إنه ليس لدينا من الأملاك إلا هذه الشقة التي أفنينا أعمارنا في سداد قيمتها، فهل يحق لنا مطالبة والدتي بتسديد الأمانة التي أرسلتها لها منذ 3 سنوات بنفس سعر صرف الليرة منذ 3 سنوات أي أطالبها بـ 47500 ريال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأولا: رهن البيت على الصورة المذكورة في السؤال لا يجوز، لأن حقيقته أن هذا الشخص أقرضك مالا مقابل انتفاعه باستخدام الشقة، والمتقرر فقها أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 9866، ورقم: 28067 وما أحيل عليه فيها.
ثانيا: قد ذكرنا في الفتوى رقم: 66686، وما أحيل عليه فيها اختلاف العلماء في الديون إذا تغيرت قيمتها النقدية، وبينا أن جمهور العلماء على عدم اعتبار تغير القيمة النقدية للديون وهو المفتي به عندنا، وإن كان الأفضل في حق المقترض أن يكون سمحا مع من أقرضه، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن خيار الناس أحسنهم قضاء ـ رواه مسلم.

فالأفضل أخذ انخفاض قيمة النقود في الاعتبار، وأيضا خروجا من خلاف العلماء.

وعلى ذلك، فلا يجوز للشخص المذكور أن يطالبك إلا بنفس المبلغ الذي أقرضك إياه دون نظر إلى انخفاض قيمة الليرة على المفتي به عندنا، وإن كان الأفضل في حقك أن تأخذ في الاعتبار انخفاض قيمة الليرة ـ لما ذكرنا ـ وأما تصرف أمك في مالك بدون حاجة إلى ذلك فلا يجوز، ويعتبر ذلك تعديا منها فيما أمنته عليها، ويجب عليها التوبة من ذلك، نسأل الله لها الهداية وانظر الفتوى رقم: 133046.

وعلى القول بعدم اعتبار تغير القيمة النقدية للديون، فلا يلزم أمك إلا سداد المبالغ التي حولت إليها بالليرة السورية، وإن اتفقتما الآن على سدادها بألريالات أو غيرها، فلا بأس، على أن يكون هذا بسعر يوم القضاء لا بسعر يوم التحويل وانظر الفتوى رقم: 322342.

وينبغي لأمك أن تأخذ في الاعتبار تغير قيمة النقود ـ لما سبق ذكره ـ وأيضا نظرا لما حدث بسبب تعديها على الأمانة
ونذكرك بالتزام الأدب وضبط النفس أثناء الكلام مع أمك، وألا تغلظ لها القول أو تسيء إليها وإن ظلمتك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 21916، 35463، 38247.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني