الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التكبير عند حصول المصائب

السؤال

هل التكبير يستخدم في مدح الناس أم في ذمهم؟ على سبيل المثال لو قلت: الله أكبر عليك يا فلان، فهل هذا من باب مدحه أم ذمه؟ وهل يجب علينا تكبير الله والكفار يقصفوننا؟ فما أعرفه أن المسلمين كانوا يكبرون في النصر وفي حالة الهجوم وليس العكس، أما العكس فهو مصيبة ويجب في المصائب أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، كما علمني والدي أن أقول كذلك لا إله إلا الله، وقد شبع مسمعي من ترديد الشعب السوري للتكبير وهم في مصيبة القصف، فهل هذا التكبير في موضعه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قول: الله أكبر عليك يا فلان ـ ينبغي أن تسأل عنه أهل بلدك هل الشائع عندهم استخدامه في المدح أم في الذم؟ وأما المصيبة: فالأولى فيها الاسترجاع، كما قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة:155ـ 157}.

وقد ثبت استفتاح الدعاء والتحصن من العدو بالتكبير، كما في حديث ابن عباس أنه قال: إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو بك، فقل: الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السماوات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه من الجن والإنس، اللهم كن لي جاراً من شرهم، جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك ولا إله غيرك، ثلاث مرات. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

ويشرع التكبير عند الفرح والسرور وعند لقاء من يفرح برؤيته، كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم: لما أخبر أصحابه أنهم ربع أهل الجنة، ثم ثلث أهل الجنة، ثم شطر أهل الجنة، كانوا يكبرون في كل مرة. رواه مسلم.

قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: هذا يدل على أنه عندما يأتي شيء سار أنه يشرع التكبير، ولا يصلح التصفيق مثل ما يحصل في هذا الزمان عند كثير من الناس. اهـ.

وعن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقلت: قتلت أبا جهل، قال: آلله الذي لا إله إلا هو؟! قلت: آلله الذي لا إله إلا هو، فرددها ثلاثا، قال: الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق فأرنيه، فانطلقنا فإذا به، فقال: هذا فرعون هذه الأمة. رواه أحمد.

وكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم عندما بُشِّر بولادة أم سليم لعبد الله بن أبي طلحة. رواه أحمد.

ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، تلقاه الناس فخرجوا في الطريق وعلى الأجاجير فاشتد الخدم والصبيان في الطريق يقولون: الله أكبر! جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد.

وكبَّر عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ حينما شهد له المسلمون لما حوصر في داره، أنه لما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل ثبير، فقال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، فقال: الله أكبر، شهدوا لي ورب الكعبة ـ يعني أني شهيد. رواه النسائي، وصححه الألباني.

وكبَّر علي بن أبي طالب لما وجد ذا الثدية في قتلى يوم النهروان. رواه أحمد.

وكبر عبد الله بن عباس: لما أمر أبا جمرة الضبعي بالتمتع في الحج، فأتاه آت في منامه، فقال: عمرة متقبلة وحج مبرور فأتى ابن عباس فأخبره، فقال: الله أكبر، الله أكبر، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.

وكبَّر عبد الله ابن مسعود حينما أُخبر بموافقة حكم النبي صلى الله عليه وسلم لحكمه في المتوفى عنها زوجها إذا لم يفرض لها صداقا. رواه أبو داود.

وفي رواية الترمذي: ففرح بها ابن مسعود.

وكبر حرام بن ملحان عندما طعن وقال: فزت ورب الكعبة. رواه أحمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني