الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مارست العادة السرية جاهلة بحكمها ووجوب الاغتسال منها فهل لي الأخذ بعدم القضاء؟

السؤال

قبل سنوات عدة كنت أمارس العادة السرية جهلًا بحكمها وماهيتها، وبوجوب الاغتسال منها, وقضاء الصلاة والصوم، وكنت لا أعرف حتى اسمها، وكنت أعتقد أنني الوحيدة في العالم التي تفعل ذلك، ولم يخطر ببالي أبدًا أن أسأل عن حكمها؛ لأنني ـ كما أسلفت ـ لم أكن أعلم بحرمتها, وقد قال بعض العلماء: إن الجهل لا يعد عذرًا؛ لأن صاحبه فرّط في السؤال، ولكن كيف لي أن أسأل وأنا أجهل الحكم وماهية هذا الفعل؟ فهل يجوز الأخذ بقول ابن تيمية الذي يرى عدم القضاء في هذه الحالة؟ وهل يعتبر هذا تتبعًا للرخص؟ علمًا بأنني أريد اتباع فتواه للتيسير أولًا، ولأنني مقتنعة أكثر بفتواه، وعندما مارستها كنت في العاشرة أو الحادية عشرة من عمري، ولا أعلم إن كان خطر ببالي أنها حرام، ولم يكن بمقدوري السؤال للأسباب السابقة، وإن قمت بإعادة الصلوات احتياطًا، فهل يجوز لي عدم إعادة الصيام؛ لأنني أخاف أن أكون قد كفرت لتأخيري الصلاة عمدًا؟ أما الصيام فلم يرد فيه شيء عن الكفر بعدم قضائه؟ وجزيتم خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا أن العادة السرية محرمة، وتوجب الغسل، وتفسد الصوم إن نزل بسببها المني وكانت في أثناء النهار، فإن كانت في الليل، ولم تغتسلي حتى أصبحت، فالصوم صحيح، وراجعي الفتويين رقم: 7170، ورقم: 832.

ونرجو الله ألا يكون عليك إثم؛ لأنك فعلتها مع الجهل بحكمها وأثرها، ولم يخطر ببالك التحريم، والأحوط أن تقضي الصلاة, وهو قول جمهور العلماء، مع أن قول شيخ الإسلام بعدم وجوب القضاء قوي جدًّا، وله أدلة كثيرة، وراجعي الفتويين رقم: 133025، ورقم: 125226.

وقولك: "فهل يجوز الأخذ بقول ابن تيمية الذي يرى عدم القضاء في هذه الحالة؟ وهل يعتبر هذا تتبعًا للرخص؟ علمًا بأنني أريد اتباع فتواه للتيسير أولًا، ولأنني مقتنعة أكثر بفتواه" فجوابه: أن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ من ثقات علماء المؤمنين الذين يسوغ تقليدهم، لا سيما مع كونك مقتنعة بفتواه، فهذا نوع ترجيح في الاختلاف، وراجعي الفتوى رقم: 5583.

لا سيما إذا كانت هناك حاجة، فقد سبق أن بينا جواز الأخذ بالرخصة للحاجة في الفتوى رقم: 134759.

وأما قضاؤك خوفًا من الكفر، فجوابه: أن محل الكفر بترك الصلاة تعمد تركها، أو ترك شرطها، لا مع الجهل والنسيان، قال الحجاوي في الإقناع: ومن ترك شيئًا من العبادات الخمس تهاونًا: فإن عزم على أن لا يفعله أبدًا استتيب عارف وجوبًا كالمرتد، وإن كان جاهلًا عرف، فإن أصر قتل حدًّا ولم يكفر إلا بالصلاة إذا دعي إليها وامتنع، أو شرط، أو ركن مجمع عليه فيقتل كفرًا.

ومن ثم فلا مدخل للكفر هنا ـ إن شاء الله ـ واحذري أن يكون ذلك مدخلًا للوسوسة.

وأما الصوم: فصحيح لا يفسد بإتيان هذا المفطر مع الجهل بتحريمه، وكونه مفطرًا، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتويين رقم: 157215، ورقم: 202741.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني