الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإيمان بالديمقراطية والعمل بها

السؤال

هل الإيمان بالديمقراطية والعمل بها مخرج من الملة، سواء استحلها، أو لم يستحلها واعترف بحرمتها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في فتاوى عدة العلاقة بين الإسلام والديموقراطية، وبينا أن الديموقراطية فيها جوانب كثيرة تتعارض مع الإسلام، ومن أجلاها: إعطاء الحق للشعب في سن القوانين, وإن كانت مخالفة لحكم الله جل وعلا، وفيها كذلك جوانب مقبولة, كحق الأمة في تولية من يحكمها، ومحاسبتهم، ومشاركة الشعب في اتخاذ القرارات، فالديموقراطية ليست مقبولة بإطلاق، وليس كل ما فيها مردودًا بإطلاق، فهي لفظ فيه شيء من الإجمال، ولا يتصور من مسلم موحد أن يؤمن بالديمقراطية بجانبها المنافي للشريعة.

وأما الإيمان بأن الشعب له حق التشريع ولو كان مخالفًا لشرع الله: فهذا كفر أكبر مخرج من الملة، فإن التشريع حق لله وحده، قال سبحانه: وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا {الكهف:26}, وقال سبحانه: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ {الأنعام:57}.

قال ابن تيمية: والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع، المجمع عليه كان كافرًا مرتدًا باتفاق الفقهاء. اهـ.

وقال محمد الأمين الشنقيطي: وأما من شرع قانونًا يحل فيه الحرام ويحرم الحلال فكفره كفر أكبر، وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور: أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم. اهـ.

وقال: اعْلَمُوا - أيها الإخوانُ - أن الإشراكَ بِاللَّهِ في حُكْمِهِ, والإشراكَ به في عبادتِه كلاهما بمعنًى واحدٍ، لا فَرْقَ بينهما البتةَ, فالذي يَتْبَعُ نظامًا غيرَ نظامِ اللَّهِ، وتشريعًا غيرَ ما شَرَّعَهُ اللَّهُ، وقانونًا مُخَالِفًا لشرعِ اللَّهِ من وَضْعِ البشرِ، مُعْرِضًا عن نورِ السماءِ الذي أَنْزَلَهُ اللَّهُ على لسانِ رسولِه، مَنْ كان يفعلُ هذا هو وَمَنْ يعبدُ الصنمَ ويسجدُ للوثنِ لاَ فرقَ بينَهما البتةَ بوجهٍ من الوجوهِ، فَهُمَا واحدٌ، فَكِلاَهُمَا مشركٌ بِاللَّهِ، هذا أَشْرَكَ به في عبادتِه، وهذا أَشْرَكَ به في حُكْمِهِ، والإشراكُ به في عبادتِه، والإشراكُ به في حُكْمِهِ كِلاَهُمَا سواءٌ. اهـ. من العذب النمير.

وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 10238، 18855، 64323، 172845، 172063، 165007 172481.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني