الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة فصل الدين عن الدولة والسياسة

السؤال

يقول سائل: ما علاقة الدين بالسياسة؟ ويرى أنه يجب فصل الإسلام عن الدولة والسياسة، فما ردكم عليه، أرجو من فضيلتكم إجابة كافية وافية شافية مفصلة، أسأل الله أن تتقوه حيثما كنتم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يكتف بعض أذناب الغرب بقولهم: فصل الإسلام عن الدولة والسياسة ـ بل تطور هذا الخطاب الخاطئ المناقض للإسلام عند بعض المتجرئين منهم إلى أن قال: ما علاقة الله ـ تعالى وتقدس!! ـ بالسياسة؟! والحقيقة أن القولين يخرجان من مستنقع واحد، وهما وجهان لعملة واحدة، ووجه ذلك أن الدين إنما هو شريعة الله وصراطه المستقيم الذي أمر عباده أن يلتزموه، فإن قلنا: لا علاقة للدين بالسياسة، فهذا يعني بالضرورة أنه لا علاقة لله تعالى بالسياسة! ولا نظن أن أحدا في قلبه إيمان صحيح يمكن أن يعتقد هذا، فضلا عن أن يقوله ويصرح به، والحق في هذا الموضوع يُعرف ابتداءً بإقرارنا بأن البشر جميعهم إذا كانوا من خلق الله، يفتقرون لنعمه عليهم وإمداده لهم، ولا يستغنون عنه في شيء من أحوالهم، فلا يسعهم أن يخرجوا عن شريعته، خاصة وأنه لم يشرعها إلا جلبا لما يصلحهم وينفعهم، ودرءاً لما يفسدهم ويضرهم، والمقصود أن الله تعالى كما انفرد بالخلق والإيجاد، فلا يصح أن يُشرَك معه غيره في الأمر والنهي، قال تعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 54}.

قال الرازي: ظاهر الآية يقتضي أنه كما لا خلق إلا لله، فكذلك لا أمر إلا لله، وهذا يتأكد بقوله تعالى: إن الحكم إلا لله {الأنعام: 57} وقوله: فالحكم لله العلي الكبير {غافر: 12} وقوله: لله الأمر من قبل ومن بعد {الروم: 4}. اهـ.

وقال ابن كثير: يرشد تعالى بهذا إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء، فله الخلق والأمر وهو المتصرف، فكما خلقهم كما يشاء.. كذلك يحكم في عباده بما يشاء. اهـ.
وإذا تبين هذا، أمكننا الحكم بأن الفصل بين الدين والسياسة لا يستقيم إلا على مبدأ الإلحاد، وإنكار انفراد الله تعالى بالخلق والإيجاد، أو على التدين بدين باطل يتعارض مع العلم أو الفطرة، كما حدث ذلك مع النصرانية المحرفة وأدى إلى ظهور العلمانية الغربية، وعلى أية حال فالموضوع لا يمكن استيفاؤه في مجال الفتوى، كما طلب السائل إجابة كافية وافية شافية مفصلة! ويمكنك تحصيل ذلك من خلال الأبحاث المتخصصة، ومعرفة تاريخ الصراع الذي أدى إلى فصل الدين عن الدولة يمكن مدارسته من خلال رسالة المجاستير للدكتور إسماعيل الكيلاني: فصل الدين عن الدولة ـ المقدمة إلى كلية الشريعة بجامعة الأزهر، كما يمكن التوسع في الموضوع من خلال دراسة الفكرة العلمانية، من خلال رسالة العلمانية للدكتور سفر الحوالي، ورسالة: العلمانية وموقف الإسلام منها ـ للدكتور حمود الرحيلي، كما يمكن الاستفادة من كتاب الشيخ مصطفى صبري: موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين ـ والباب الرابع منه في: عدم جواز فصل الدين عن السياسة: 4ـ 281ـ 295.
وللنظر في أطراف الموضوع يمكنك الرجوع إلى الفتاوى التالية أرقامها: 5490، 163015، 154193، 172845، 103335، 209854، 188139، 32864.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني