الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمام العادل.. صفاته.. واجباته.. ومنزلته

السؤال

ما هي صفات الإمام العادل في الإسلام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإمام العادل: هو الذي اختاره المسلمون للإمامة وبايعوه، وقام بتدبير شئون الأمة وفق شرع الله عز وجل، كما جاء في الموسوعة الفقهية.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: الإمام العادل: هو الذي عدل في رعيته، ولا عدل أقوم ولا أوجب من أن يحكم فيهم شريعة الله، هذا رأس العدل؛ لأن الله يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ (النحل: 90) فمن حكم شعبه بغير شريعة الله فإنه ما عدل. اهـ.
ويأتي تحت إقامة شرع الله تعالى في نفسه وفي رعيته ما لا يكاد ينحصر من الصفات، ومما جاء في ذلك ما ذكره ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد قال: كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - لما ولي الخلافة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكتب إليه الحسن - رحمه الله -: اعلم - يا أمير المؤمنين - أن الله جعل الإمام العادل قوام كلّ مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالراعي الشفيق على إبله الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنّها من أذى الحرّ والقرّ.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارًا، ويعلمهم كبارًا، يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرهًا ووضعته كرهًا، وربّته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة, وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - وصيّ اليتامى، وخازن المساكين، يربّي صغيرهم، ويمون كبيرهم.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - كالقلب بين الجوارح, تصلح الجوارح بصلاحه, وتفسد بفساده.

والإمام العادل - يا أمير المؤمنين - هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم, فلا تكن - يا أمير المؤمنين - فيما ملّكك الله عز وجل, كعبد ائتمنه سيّده, واستحفظه ماله وعياله، فبدّد المال، وشرّد العيال، فأفقر أهله, وفرّق ماله.

واعلم - يا أمير المؤمنين - أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش, فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم .. اهـ.
والإمام العادل الذي هو أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وصفته تعرف مما قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط. اهـ.
وزاد الزرقاني في شرح الموطأ: أو الجامع للكمالات الثلاثة: الحكمة, والشجاعة, والعفة، التي هو أوساط القوى الثلاثة: العقلية، والغضبية، والشهوانية. اهـ.

ومن عدل الإمام أن يقوم بوجباته نحو أمته، والتي يمكن تلخيصها كما جاء في الموسوعة الفقهية بأنها هي:
أ - حفظ الدين على أصوله الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وإقامة شعائر الدين.
ب - رعاية مصالح المسلمين بأنواعها. اهـ.

وراجع في مفهوم العـدل وشموليته وثمراته، الفتوى رقم: 35122.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني