الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعف إيمانه تحسرا على مصير غير المسلمين يوم القيامة

السؤال

عندي مشكلة أن إيماني بالدين الإسلامي أصبح ضعيفا؛ حيث أفكر في مصير غير المسلمين من الأجانب، أو من الديانات الأخرى.
هل نعتبرهم كفرة ومصيرهم النار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه أن الدين عنده الإسلام، فقال: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ... { آل عمران : 19 }. وأخبرنا أنه لا يقبل من الناس دينا سواه، وأن من دان بغير الإسلام فهو يوم القيامة من الخاسرين؛ كما قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران : 85 } . وقد بينا في الفتوى رقم: 77096، والفتوى رقم: 184929 أن الإسلام دين الأنبياء جميعا بمن فيهم موسى وعيسى عليهم السلام.
فمن دان بغير دين الإسلام فإنه يكون قد دان بغير الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وبغير الدين الذي كان عليه الأنبياء والمرسلون. فإن مات على غير دين الإسلام فهو في النار, وليس هذا ظلما لهم؛ لأن الله تعالى خلق الخلق لعبادته، وأرسل الرسل لهم، وأقام عليهم الحجة، وبين لهم طريق النجاة، ومكَّنَهُم من سلوكه، وحذرهم من طريق الهلاك. فمن عصاه وخالف أمره، استحق العقوبة: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ {فصلت : 46 }. فلماذا يضعف يقينك بالإسلام ؟ !!! أتريد أن يكون كل الناس في الجنة وإلا ارتددت عن الإسلام ؟!! أتريد أن تسوي بين البر وبين الفاجر, بين الشقي وبين السعيد, بين المؤمن وبين الكافر, ألم تسمع قول الله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ* مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {القلم:36،35}. فعدل الله تعالى يأبى أن يسوي بين القانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه، وبين المجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ {ص:28}. أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ {الجاثية:21}.

واعلم أن ضعف اليقين بأن هذا الدين حق، قد يكون سببه الجهل به، فمن عرف الدين، وخلا من التعصب والهوى، أيقن أنه حق من عند الله تعالى, فراجع نفسك أيها السائل، واجتهد في توثيق صلتك بكتاب الله تعالى، وعندها ستصل إلى العلم واليقين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَالشَّاكُّ فِي الشَّيْءِ الْمُرْتَاب فِيهِ، يَتَأَلَّمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ ... فَالْقَلْبُ يَمُوتُ بِالْجَهْلِ الْمُطْلَقِ، وَيَمْرَضُ بِنَوْعِ مِنْ الْجَهْلِ. اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 20984، والفتوى رقم: 200191 في بعض الدلائل والبراهين على صحة دين الإسلام.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني